قوله: { أَن تَقُومُواْ }: فيه أوجهٌ، أحدها: أنها مجرورةُ المحلِّ بدلاً مِنْ " واحدة " على سبيلِ البيان. قاله الفارسيُّ. الثاني: أنها عطفُ بيانٍ لـ " واحدة " / قاله الزمخشريُّ. وهو مردودٌ لتخالُفِهِما تعريفاً وتنكيراً. وقد تقدَّم هذا عند قولِه:{ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ } [آل عمران: 97]. الثالث: أنها منصوبةٌ بإضمارِ أعني. الرابع: أنها مرفوعةٌ على خبر ابتداءٍ مضمرٍ أي: هي أَنْ تقومُوا. ومَثْنى وفُرادى: حال. ومضى تحقيقُ القولِ في " مَثْنى " وبابِه في سورة النساء، وتقدَّم القولُ في " فُرادى " في سورةِ الأنعام. قوله: " ثم تتفَكَّروا " عَطْفٌ على " أَنْ تَقُوموا " أي: قيامِكم ثم تَفَكُّرِكم. والوقفُ عند أبي حاتم على هذه الآية، ثم يَبْتَدِئُ " ما بصاحبِكم ". وفي " ما " هذه قولان، أحدُهما: أنها نافيةٌ. والثاني: أنها استفهاميةٌ، لكن لا يُراد به حقيقةُ الاستفهامِ، فيعودُ إلى النفي. وإذا كانت نافيةً فهل هي مَعَلِّقَةٌ، أو مستأنفةٌ، أو جوابُ القسمِ الذي تضمَّنه معنى " تَتَفَكَّروا " لأنه فعلُ تحقيقٍ كتبيَّن وبابِه؟ ثلاثةُ أوجه. نقل الثالثَ ابنُ عطية، وربما نَسَبه لسيبويه. وإذا كانَتْ استفهاميةً جاز فيها الوجهان الأوَّلان، دونَ الثالث. و " مِنْ جِنَّةٍ " يجوزُ أَنْ يكونَ فاعلاً بالجارِّ لاعتمادِه، وأَنْ يكونَ مبتدأً. ويجوز في " ما " إذا كانَتْ نافيةً أَنْ تكونَ الحجازيَّةَ، أو التميميَّةَ.