{ إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي ظِلاَلٍ } [يعني: ظلال] الشجر وأكنان القصور، { وَعُيُونٍ * وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ }. { كُلُواْ } على إضمار القول، تقديره: يقال لهم: كلوا، { وَٱشْرَبُواْ هَنِيـۤئاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } في الدنيا بطاعة الله. { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } مُفسّر فيما مضى. ثم قال لكفار مكة مهدّداً لهم: { كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ قَلِيلاً } زمناً قليلاً، أو تمتعاً قليلاً مدة بقائكم في الدنيا { إِنَّكُمْ مُّجْرِمُونَ }. قوله تعالى: { وَإذَا قِيلَ لَهُمُ ٱرْكَعُواْ لاَ يَرْكَعُونَ } قال مقاتل: نزلت في ثقيف، امتنعوا من الصلاة وقالوا: لا ننحني، [فإنها] مَسَبَّةٌ علينا، فنزل ذلك فيهم. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا خير [في دين] ليس [فيه] ركوع ولا سجود " وإلى نحو هذا ذهب مجاهد. وقال ابن عباس في رواية العوفي: إنما يقال لهم هذا يوم القيامة حين يُدعون إلى السجود فلا يستطيعون. فيكون أمْرُهُم بالركوع؛ تقريعاً لهم. قوله تعالى: { فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ } أي: بعد القرآن المفصل بالمواعظ والحكم { يُؤْمِنُونَ }. قال أهل المعاني: ليس [ترديد قوله] في هذه السورة: { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } بتكرار؛ لأن كل واحد جاء عقيب جملة مخالفة لصاحبتها، فأثبت الويل لمن كذّب بها. وقد أشرنا إلى معنى ذلك في مواضع، منها سورة الرحمن.