{ قال يا أيها الملأ أيّكم يأتيني بعرشها } ، قيل: رجعت الرسل إليها بالرسالة، قالت: ما هذا ملك، وبعثت إلى سليمان إني قادمة إليك، فعند ذلك قال سليمان لأشراف قومه: { يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها } ، وقيل: جلس سليمان ذات يوم فرأى غباراً قريباً منه فقال: ما هذا؟ قالوا: بلقيس، فقال: أيّكم يأتيني بعرشها، وروي أنه رأى الغبار على قدر فرسخ واختلفوا ما السبب الذي لأجله طلب العرش، قيل: أعجبه صفته فأحب أن يراه وكان من ذهب وقوائمه من جوهر مكلل باللؤلؤ، وقيل: معجزة الله تعالى في عرشها، وقيل: علم أنها إذا أسلمت حرم عليه مالها فأراد أخذه قبل اسلامها { قبل أن يأتوني مسلمين } طائعين { قال عفريت من الجن أنا آتيك به } أي بالعرش { قبل أن تقوم من مقامك } ، قيل: مجلسك الذي تقضي فيه بين الناس، وقيل: كان يقضي بين الناس إلى نصف النهار ولم يكن ذلك الحمل معجزة لأنه تعالى قوى الشياطين وقت سليمان فلما مات سليمان رجعوا إلى حالهم { وإني عليه لقوي أمين } قال سليمان أريد أسرع من هذا { قال الذي عنده علم من الكتاب } رجل كان عنده اسم الله الأعظم وهو يا حي يا قيوم، وقيل: يا إلهنا وإله كل شيء واحداً لا إله إلا أنت، وقيل: ياذا الجلال والإِكرام، وعن الحسن: الله والرحمان، وقيل: هو آصف بن برخيا كاتب سليمان وكان صديقاً عالماً، وقيل: هو جبريل، وقيل: هو الخضر علم من الكتاب المنزل وهو علم الوحي والشرائع { انا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك } ، قيل: أراد المبالغة في السرعة، ومعنى قوله: قبل أن يرتد إليك طرفك إنك ترسل طرفك إلى شيء قبل أن تراه أبصرت العرش بين يديك، وروي أن آصف قال لسليمان: مدّ عينيك حتى ينتهي طرفك، فمدّ عينيه فنظر نحو اليمن ودعا آصف فغار العرش بمأرب ثم نبع عند مجلس سليمان بقدرة الله قبل أن يرتد طرفه { فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه } لأن نفعه يعود عليه { ومن كفر فإن ربي غني كريم } { قال } يعني سليمان { نكروا لها عرشها } غيروا هيئة السرير هل تهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون إلى أنه عرشها { فلما جاءت قيل أهكذا عرشك } فنظرت فيه و { قالت كأنه هو } فعرف سليمان كمال عقلها { وأوتينا العلم } هذا من كلام سليمان، يعني أوتينا العلم بالله وبقدرته على ما شاء من قبل هذه المرأة { وكنا مسلمين } ، وقيل: هو من كلام قوم سليمان { وصدّها ما كانت تعبد من دون الله } وهو الشمس { إنها كانت من قوم كافرين }.