الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة/ الجنابذي (ت القرن 14 هـ) مصنف و مدقق


{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَأَنْتُمْ سُكَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُواْ وَإِنْ كُنْتُمْ مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّن ٱلْغَآئِطِ أَوْ لَٰمَسْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَٱمْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً }

{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } اذعنوا بالله وبمحمّد (ص)، او ارادوا الايمان بالله على يد محمّدٍ (ص)، او آمنوا على يد محمّد (ص) بالبيعة العامّة النّبويّة وقبول الدّعوة الظّاهرة، او آمنوا بالبيعة الخاصّة الولويّة وقبول الدّعوة الباطنة { لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلاَةَ } الصّلوة تطلق لغةً على الدّعاء والرّحمة والاستغفار وشرعاً على الافعال والاذكار الموضوعة فى الشّريعة، وتطلق حقيقةً او مجازاً على المواضع المقرّرة للصّلوة الشّرعية، وعلى الذّكر القلبىّ المأخوذ من صاحب اجازةٍ آلهيّةٍ، وعلى صاحب الاجازة الآلهيّة، وعلى الصّورة المثاليّة الحاضرة فى قلب السّالك من صاحب الاجازة، وعلى كلّ من مراتبه البشريّة والمثاليّة والقلبيّة والروحيّة بمراتب الرّوحيّة وذلك لانّ الاسماء وضعت للمسميّات من غير اعتبار خصوصيّة من خصوصيّات المراتب فيها؛ فالصّلوة وضعت لما به يتوجّه الى الله ويسلك اليه بتسنينٍ واذن من الله كما انّ الزّكوة اسم لما به ينصرف عن غير الله بتسنين واذن من الله، ويدلّ على ذلك انّ الصّلوة كانت فى كلّ شريعة ولم تكن بتلك الهيئة المخصوصة وقولهٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ دَآئِمُون } [المعارج:23] يدلّ على العموم لعدم امكان ادامة الصّلوة القالبيّة وكذا قوله:رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلاَةِ } [النور:37]، وكذا قول علىّ (ع) فى بعض ما قال: انا الصّلوة، فقلب علىّ (ع) وولايته هى الصّلوة الّتى هى عمود الدّين، وان قبلت قبل ما سواها، وهى معراج المؤمن وهى بيت الله الّذى اذن الله ان يرفع، وهى الكعبة، وهى المسجد الذّى قال تعالى:خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ } [الأعراف:31] وقال:وَأَنَّ ٱلْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُواْ مَعَ ٱللَّهِ أَحَداً } [الجن:18] وما يدخل من نفخة علىّ (ع) فى القلب وهو الايمان الدّاخل فى القلب، وما يؤخذ من صاحب الاجازة الالهيّة من الّذكر الجلىّ والخفىّ، وما يؤخذ من صاحب الاجازة من الصّلوة القالبيّة كلّها صلوة، وما يبيّنه صاحب القلب الّذى صار قلبه متّصفاً بالصّلوة من حيث ذلك الاتّصاف كالمساجد هو ايضاً صلوة كما انّه بيت الله، فمن اخذ الصّلوة القالبيّة من امثاله واقرانه او آبائه ومعلّميه من غير تقليد عالمٍ مجازٍ لم يكن علمه مقبولاً ولو كان موافقاً، وهكذا حال من تسرّع الى الاذكار والاوراد ومن تسرّع الى الّذكر القلبىّ من غير اذن واجازة من شيخٍ مجازٍ لم ينتفع به ولم يكن صلوته صلوة حقيقة ولا عبادته عبادة، وقد ورد اخبار كثيرة فى انّ العبادة بدون الولاية غير مقبولة ومردودة والولاية وقبولها عبارة عمّا يحصل بسببه الاجازة فى العبادة وكأنّه تعالى اراد بالصّلوة جميع معانيها بمثل عموم المجاز والاشتراك ولذلك قال: لا تقربوا؛ ليناسب جميع معانيها دون لا تدخلوا لئلا يتوهّم ارادة بعض المعانى الدّانية منه والنّهى اعمّ من الحرمة والكراهة والنّزاهة ولا اختصاص له بشيءٍ منها واستعماله فى الموارد المخصوصة بحسب القرائن فى الحرمة او الكراهة لا ينافى عموم مفهومه.

السابقالتالي
2