الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَأَنْتُمْ سُكَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُواْ وَإِنْ كُنْتُمْ مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّن ٱلْغَآئِطِ أَوْ لَٰمَسْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَٱمْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً }

القراءة: قرأ أهل الكوفة غير عاصم أو لمستم بغير ألف ههنا، وفي المائدة، وقرأ الباقون لامستم بألف. الحجة: حجة من قرأ لمستم إن هذا المعنى جاء في التنزيل على فعلتم في غير موضع. قال تعالى:لم يطمثهن إنس } [الرحمن: 56]ولم يمسسني بشر } [آل عمران: 47] وحجة من قرأ لامستم أن فاعَلَ قد جاء في معنى فعل نحو عاقبت اللُّصَّ وطارقت النعل. اللغة: يقال قَرِب يَقْرَبُ متعدّ وقَرُبَ يَقْرُبَ لازم وقرب الماء يقربه إذا ورده وأصل السُكر من السِكر، وهو سدّ مجرى الماء، واسم الموضع السُكر فبالسكر ينسد طريق المعرفة، وسكرة الموت غشيته، ورجل سكران من قوم سكارى، وسكرى. والمرأة سكرى أيضاً. ويقال رجل جنب إذا جنب ويستوي فيه المذكر والمؤنث الواحد والجمع. يقال: رجل جنب، قوم جنب وامرأة جنب، والعابر من العبور. يقال: عبرت النهر والطريق عبوراً إذا قطعته من هذا الجانب إلى الجانب الآخر، والغائط: أصله المطمئن من الأرض، يقال: غائط وغيطان، وكانوا يتبرزون هناك ليغيبوا عن عيون الناس ثم كثر ذلك حتى قالوا للحدث غائط وكَنَّوا بالتغوط عن الحدث في الغائط، وقيل: إنهم كانوا يلقون النجو في هذا المكان، فسمي باسمه على سبيل المجاز والغوطة موضع كثير الماء، والشجر بدمشق. وقال مؤرج: الغائط قرارة من الأرض تَحُفُّها آكام تسترها، والفعل منه غاط يغوط مثل عاد يعود، واللمس: يكون باليد ثم اتسع فيه فأوقع على غيره، وقالوا: التمس وهو افتعل من اللمس فأوقع على ما لا يقع عليه اللمس قال:
العَبْدُ وَالْهَجينَ والْفَلَنْقَسُ   ثَلاَثَـــةٌ فَأيُّهُمْ تَلَمَّسُ
أراد أيُّهم تطلب وملتمِس المعروف طالبه وليس هنا مماسة ولا مباشرة والتيمم القصد ومثله التأمم قال الأعشى:
تَيَمَّــمْتُ قَيْساً وَكَـــمْ دُونَــــهُ   مِنَ الأرْضِ مِنْ مَهْمَهٍ ذي شَزَنْ
وقال آخر:
تَيَمَّمْتُ داراً وَيَمَّمْنَ داراً   
وقد صار في الشرع اسماً لقصد مخصوص وهو أن يقصد الصعيد ويستعمل التراب في أعضاء مخصوصة، والصعيد وجه الأرض من غير نبات ولا شجر وقال ذو الرمة:
كَأَنَّهُ بِالضُّحى تَرْمي الْصَعيدَ بِهِ   ذُبابَةٌ في عِظام الْرَأْسِ خُرْطُومُ
وقال الزجاج: الصعيد ليس هو التراب إنما هو وجه الأرض تراباً كان أو غيره، وإنما سمي صعيداً لأنه نهاية ما يصعد إليه من باطن الأرض. الإعراب: وأنتم سكارى جملة منصوبة الموضع على الحال، والعامل فيه تقربوا، وذو الحال الواو من تقربوا، وقولـه: جنباً إنما انتصب لكونه عطفاً عليه والمراد به الجمع، وعابري سبيل منصوب على الاستثناء، وتعلموا منصوب بإضمار أن وعلامة النصب سقوط النون ثم إنه مع أن المضمرة في موضع الجر بحتى والجار والمجرور في موضع النصب بكونه مفعول تقربوا وكذلك قولـه حتى تغتسلوا وقولـه: على سفر في موضع نصب عطفاً على قولـه: مرضى وتقديره أو مسافرين.

السابقالتالي
2 3 4