قوله تعالى: { رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي ٱلأَرْضِ } إلى قوله: { جُزْءٌ مَّقْسُومٌ }. معناه: قال إبليس يا رب [بما] خيبتني من رحمتك لأزينن لولد آدم { وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ }. يقال أغويته إذا خيبته ومنه قول الشاعر:
فمن يلق خيراً يحمد الناس أمره
ومن يغو لا يعدم على الغي لائما
أي: من يخب فلا يصب خيراً لا يعدم على خيبته من يلومـ[ـه]. وقيل: التقدير: بالذي أغويتني. وقيل: معناه: بإغوائك إياي. ومعنى { لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي ٱلأَرْضِ } لأحسنن لهم المعاصي ولأحببنها إليهم في الأرض { وَلأُغْوِيَنَّهُمْ } أي: لاضلنهم عن سبيلك إلا من أخلصته بتوفيقك فهديته فلا سلطان لي عليه. فهذا على قراءة من فتح اللام في " المخلَصين " ، فأما من كسرها فمعناه: إلا من أخلص طاعتك بتوفيقك إياه إلى ذلك فلا سبيل [لي] عليه. قال الضحاك: هم المؤمنون لا سبيل له عليهم. ثم قال تعالى: { هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ }. [أي]: هذا طريق مرجعه إليّ فأجازي كلاً بأعمالهم، لقوله{ إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلْمِرْصَادِ } [الفجر: 14] وهذا تهديد ووعيد بمنزلة قول الرجل لمن يتواعده: طريقك [هذا] علي. هذا قول مجاهد. وقيل معناه: هذا صراط على امري وإرادتي. وقرأ ابن سيرين، وقيس بن عباد، وقتادة، ومجاهد وعباد ويعقوب والحسن: { هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ / مُسْتَقِيمٌ } جعلوه من العلو أي هذا صراط رفيع. ثم قال [تعالى] { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ }. أي: حجة، قال مجاهد: إن عباد[ي] الذين قضيت لهم بالجنة { لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ }. وقوله: { إِلاَّ مَنِ ٱتَّبَعَكَ }. أي: قبل دعوتك فإنه { مِنَ ٱلْغَاوِينَ } [أي: من الظالمين] وأنَّ جهنم لموعد من اتبعك أجمعين. { لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ } أي سبعة أطباق، طبق تحت طبق، لكل طبق منهم، أي: من اتباع إبليس { جُزْءٌ مَّقْسُومٌ } أي: نصيب مقسوم. وقيل: معناه لكل جنس منهم من العذاب على قدر منزلته من الذنوب. وقال علي بن أبي طالب: [رضي الله عنه: عدد] أبواب جهنم سبعة، بعضها فوق بعض فيمتلئ الأول، ثم الثاني، ثم الثالث، حتى تملأ كلها وهو قول: عكرمة وقتادة. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لجهنم سبعة أبواب، باب منها لمن سل سيفه على أمتي " أو " على أمة محمد صلى الله عليه وسلم ". وقال ابن جريج: { لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ } أي: أطباق، أولها جهنم، ثم لظى، ثم الحطمة، ثم السعير، ثم سقر، ثم الجحيم، ثم الهاوية، والجحيم: فيها أبو جهل. قال الربيع بن أنس: أما الهاوية فلا يخرج منها شيء دخلها أبداً، إنما تهوي [به] أبدا، [هي] دار آل فرعون، والكفار، وكل جبار عنيد. قال عكرمة: على كل باب [منها سبعون ألف سرادق من نار، في كل سرادق منها سبعون ألف قبة من نار في كل قبة منها] سبعون ألف تنور من نار.