قوله تعالى: { وَٱسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ ٱلْمُنَادِ } أي: واستمع حديث يوم ينادي المنادي، فحذف المضاف، وهو مفعول به لا ظرف. والمنادي: إسرافيل عليه السلام. قال المفسرون: يقف على صخرة بيت المقدس وينادي: يا أيتها العظام البالية، والأوصال المتقطعة، واللحوم المتفرقة، والشعور المتمزقة، إن الله تعالى يأمركن [أن] تجتمعن لفصل القضاء. وهذه هي النفخة الأخيرة. والصخرة: وسط الدنيا، وهي أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلاً. { يَوْمَ يَسْمَعُونَ ٱلصَّيْحَةَ بِٱلْحَقِّ } بدل من " يوم ينادي المنادي ". والمعنى: يوم يسمعون الصيحة بالحق، بالأمر الثابت الذي لا مِرْيَةَ فيه، وهو البعث. { ذَلِكَ يَوْمُ ٱلْخُرُوجِ } من القبور. قوله تعالى: { يَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً } بدل أيضاً من " يوم ينادي المنادي ". ويجوز أن يكون منصوباً بقوله: { وَإِلَيْنَا ٱلْمَصِيرُ } أي: يصيرون إلينا في ذلك اليوم. و " سراعاً " نصب على الحال، تقديره: فيخرجون سراعاً. { ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ } هَيِّن. ثم عزَّى نبيه صلى الله عليه وسلم فقال: { نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ } أي: بما يقول كفار مكة من تكذيبك والاستهزاء بك، { وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ } بمسلط تقهرهم على ما تريد. قال ابن عباس: لم تُبعث لتُجبرهم على الإسلام، إنما بعثت مُذكِّراً، وذلك قبل أن يُؤمر بقتالهم. { فَذَكِّرْ بِٱلْقُرْآنِ } عِظْ به { مَن يَخَافُ وَعِيدِ }. وقرأ يعقوب: " وعيدي " بياء في الحالين. وكان صلى الله عليه وسلم يُذكّر بالقرآن من يخاف ومن لا يخاف، لكنه خصَّ الخائفين من وعيده بالنار لمن عصاه بالذِّكْر؛ لموضع انتفاعهم به. والله تعالى أعلم.