قوله تعالى: { مَثَلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوْلِيَآءَ } يعني: الأصنام التي اتخذوها مُتَّكَلاً ومُعْتَمداً يرجون نفعها ونصرها، فمثلُهُم في اتخاذها مع ضعفها وعدم نصرها ونفعها { كَمَثَلِ ٱلْعَنكَبُوتِ ٱتَّخَذَتْ بَيْتاً } لا يدفع عنها حَرّاً ولا قُرّاً ولا مطراً ولا ضَرّاً. قال ثعلب: العنكبوت أنثى، وقد يُذَكِّرُها بعض العرب. قال الشاعر:
.......................
كأنّ العنكبوتَ هُوَ ابْتَنَاهَا
{ وَإِنَّ أَوْهَنَ ٱلْبُيُوتِ } أي: أضعفها { لَبَيْتُ ٱلْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } أن هذا مَثَلُهم، وأنّ أمر دينهم بالغ هذه الغاية في الضعف والوهن. ويروى عن علي عليه السلام: طَهِّروا بيوتكم من نَسْجِ العنكبوت، فإن ترْكه في البيوت يُورِثُ الفقر. ثم تهددهم وتوعدهم [فقال]: { إِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ } قرأ أبو عمرو وعاصم: " يدعون " بالياء على الغيبة حملاً على ما قبلها. وقرأ الباقون بالتاء على الخطاب، على معنى: قل لهم يا محمد: إن الله يعلم ما يدعون من دونه. قال الخليل وسيبويه: " ما " هاهنا استفهامية وموضعها نصب بقوله: " يَدْعُون " ، والتقدير: أي شيء يدعون من دونه. وقال غيرهما: هي بمعنى: الذي، والتقدير: يعلم الذي يدعونه من دونه، وموضعها نصب بـ " يَعْلَمُ ". وفي قوله: { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } تجهيلٌ لهم حيث [عبدوا] جماداً وتركوا الموصوف بالعزة والحكمة. قوله تعالى: { وَتِلْكَ ٱلأَمْثَالُ } إشارة إلى أمثال القرآن، { نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَآ } أي: وما يعقل صحتها وحسنها وفائدتها { إِلاَّ ٱلْعَالِمُونَ }. ويروى عن جابر: " أن النبي تلى هذه الآية فقال: العالمُ الذي عقل عن الله فعمل بطاعته واجتنب سخطه ".