{ انْطَلِقوا إلى ظِلٍّ ذي ثلاثِ شُعَبٍ } قيل إن الشعبة تكون فوقه، والشعبة عن يمينه، والشعبة عن شماله، فتحيط به، قاله مجاهد. الثاني: أن الشعب الثلاث الضريع والزقوم والغسلين، قاله الضحاك. ويحتمل ثالثاً: أن الثلاث الشعب: اللهب والشرر والدخان، لأنه ثلاثة أحوال هي غاية أوصاف النار إذا اضطرمت واشتدت. { لا ظَليلٍ } في دفع الأذى عنه. { ولا يُغْني مِن اللّهَب } واللهب ما يعلو عن النار إذا اضطرمت من أحمر وأصفر وأخضر. { إنها تَرْمي بِشَرَرٍ كالقَصْرِ } والشرر ما تطاير من قطع النار، وفي قوله " كالقصر " خمسة أوجه. أحدها: أنه أصول الشجر العظام، قاله الضحاك. الثاني: كالجبل، قاله مقاتل. الثالث: القصر من البناء وهو واحد القصور، قاله ابن مسعود. الرابع: أنها خشبة كان أهل الجاهلية يقصدونها، نحو ثلاثة أذرع، يسمونها القصر، قاله ابن عباس. الخامس: أنها أعناق الدواب، قاله قتادة. ويحتمل وجهاً سادساً: أن يكون ذلك وصفاً من صفات التعظيم، كنى عنه باسم القصر، لما في النفوس من استعظامه، وإن لم يُردْ به مسمى بعينه. { كأنّه جِمالةٌ صُفْرٌ } فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: يعني جِمالاً صُفراً وأراد بالصفر السود، سميت صفراً لأن سوادها يضرب إلى الصفرة، وهو قول الحسن ومجاهد وقتادة، قال الشاعر:
تلك خَيْلي منه وتلك رِكابي
هُنّ صُفْرٌ أولادُها كالزبيبِ.
الثاني: أنها قلوس السفن، قاله ابن عباس وسعيد بن جبير. الثالث: أنها قطع النحاس، وهو مروي عن ابن عباس أيضاً. وفي تسميتها بالجمالات الصفر وجهان: أحدهما: لسرعة سيرها. الثاني: لمتابعة بعضها لبعض. { فإنْ كانَ لكم كَيْدٌ فَكِيدُونِ } فيه وجهان: أحدهما: إن كان لكم حيلة فاحتالوا لأنفسكم، قاله مقاتل. الثاني: إن استطعتم أن تمتنعوا عني فامتنعوا، وهو معنى قول الكلبي.