الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِـيَ ٱلْمَوْتَىٰ }

وقرأ العامَّةُ أيضاً " بقادرٍ " اسمَ فاعلٍ مجروراً بباءٍ زائدةٍ في خبرِ " ليس ". وزيدُ بن علي " يَقْدِرُ " فعلاً مضارعاً. والعامَّةُ على نصب " يُحْيِيَ " بـ " أَنْ " لأنَّ الفتحةَ خفيفةٌ على حرفِ العلةِ. وقرأ طلحةُ بن سليمان والفياض بن غزوان بسكونها: فإمَّا أَنْ يكونَ خَفَّفَ حرفَ العلةِ بحَذْفِ حركةِ الإِعرابِ، وإمَّا أَنْ يكونَ أجرى الوصلَ مُجْرى الوقفِ.

وجمهورُ الناسِ على وجوبِ فَكِّ الإِدغامِ. قال أبو البقاء: " لئلا يُجْمَعَ بين ساكنَيْن لفظاً أو تقديراً ". قلت: يعني أنَّ الحاءَ ساكنةٌ، فلو أَدْغَمْنا لسَكَنَّا الياءَ الأولى أيضاً للإِدغام فيَلْتقي ساكنان لفظاً، وهو مُتَعَذَّرُ النطقِ، فهذان ساكنان لفظاً. وأمَّا قولُه: " تقديراً " فإنَّ بعضَ الناسِ جوَّز الإِدغامَ في ذلك، وقراءتُه " أَنْ يُحِيَّ " وذلك أنه لَمَّا أراد الإِدغامَ نَقَلَ حركةَ الياءِ الأولى إلى الحاء، وأدغمها، فالتقى ساكنان: الحاءُ ـ لأنها ساكنةٌ في التقدير قبل النقلِ إليها ـ والياءُ؛ لأنَّ حركتَها نُقِلَتْ مِنْ عليها إلى الحاءِ، واستشهد الفراءُ لهذه القراءةِ: بقوله:
4429ـ...................   تَمْشِي لسُدَّةِ بيتها فَتُعِيُّ
وأمَّا أهلُ البصرةِ فلا يُدْغِمونه البتةَ، قالوا: لأنَّ حركةَ الياءِ عارضةٌ؛ إذ هي للإِعرابِ. وقال مكي: " وقد أجمعوا على عَدَمِ الإِدغامِ في حالِ الرفع. فأمَّا في حالِ النصبِ فقد أجازه الفراءُ لأجلِ تحرُّك الياء الثانيةِ، وهو لا يجوزُ عند البَصْريين؛ لأنَّ الحركةَ عارضةٌ " قلت: ادعاؤُه الإِجماعَ مردودٌ بالبيتِ الذي قَدَّمْتُ إنشاده عن الفراءِ، وهو قوله: " فَتُعِيُّ " فهذا مرفوعٌ وقد أُدْغِمَ. ولا يَبْعُدُ ذلك؛ لأنَّه لَمَّا أُدْغِم ظهرَتْ تلك الحركةُ لسكونِ ما قبل الياءِ بالإِدغام.