الرئيسية - التفاسير


* تفسير التحرير والتنوير/ ابن عاشور (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }

{ هُوَ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْش }. موقع هذه الجملة استنئاف كموقع جملةهو الأول والآخر } الحديد 3 الآية، فهذا استئناف ثان مفيد الاستدلال على انفراده تعالى بالإِلهية ليقلعوا عن الإِشراك به. ويفيد أيضاً بياناً لمضمون جملةله ملك السمٰوات والأرض } الحديد 5 وجملةوهو على كل شيء قدير } الحديد 2، فإن الذي خلق السماوات والأرض قادر على عظيم الإِبداع. والاستواءُ على العرش تمثيل للمُلك الذي في قولهله ملك السمٰوات والأرض } الحديد 2 وهذا معنى اسمه تعالى «الخالق»، وتقدم قريب من هذه الآية في أوائل سورة الأعراف 11. { يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِى ٱلأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا }. استئناف لتقرير عموم علمه تعالى بكل شيء فكان بيانَ جملةوهو على كل شيء قدير } الحديد 2 وجملةوهو بكل شيء عليم } الحديد 3 جارياً على طريقة النشر للَّف على الترتيب، وتقدم نظير هذه الآية في سورة سبأ. فانظر ذلك. { وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير }. عطف معنى خاص على معنى شمله وغيرَه لقصد الاهتمام بالمعطوف. والمعيّة تمثيل كنائي عن العلم بجميع أحوالهم. و { أين ما } ظرف مركب من أين وهي اسم للمكان، و ما الزائدة للدلالة على تعميم الأمكنة. وجملة { والله بما تعملون بصير } تكملة لمضمون { وهو معكم أين ما كنتم } ، وكان حقها أن لا تعطف وإنما عطفت ترجيحاً لجانب ما تحتوي عليه من الخبر عن هذه الصفة.