تفسير سورة الزخرف، وهي مكية كلها { بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } قوله: { حـمۤ } قد فسرناه فيما مضى من الحواميم. { وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ } أي القرآن البيّن، [وهذا قسم]. { إِنَّا جَعَلْنَاهُ } يعني القرآن { قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } أي: لكي تعقلوا. { وَإِنَّهُ } يعني القرآن { فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا } أي: عندنا { لَعَلِيٌّ } أي: رفيع { حَكِيمٌ } أي: محكم. وقوله: { جَعَلْنَاهُ } أي: خلقناه، كقوله:{ وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَّحْفُوظًا } [الأنبياء:32]، وقوله:{ وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ } [الإسراء:12]، وقوله:{ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ } [الأنبياء:30] ونظيره في كتاب الله كثير. وأمّ الكتاب اللوح المحفوظ، وتفسير أم الكتاب جملة الكتاب وأصله. ذكروا عن ابن عباس أنه قال: أول ما خلق الله القلم فقال: اكتب، قال: رب وما أكتب؟ قال: ما هو كائن. فجرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة. قال: فأعمال العبد تعرض كل يوم الاثنين والخميس، فيجدونها على ما هي في الكتاب. قوله: { أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ } أي القرآن { صَفْحًا أَن كُنتُمْ قَوْمًا مُّسْرِفِينَ } فيها إضمار، أي حتى لا تفهموه ولا تفقهوه، أي: فقد فعلنا ذلك. أن كنتم قوماً مسرفين، أي مشركين. وهذا تفسير الحسن. وقال الكلبي: { أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا } الذكر يعني القرآن { عَنكُمُ } أي: من أجلكم { أَن كُنتُمْ } أي: لأنكم قوم مسرفون. أي: مشركون. أي: لا نذره.