الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ ٱلْعَدُوُّ فَٱحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ ٱللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ }

{ واذا رأيتهم } وجون به بينى منافقا نراجون ابن ابى وامثال او، الرؤية بصرية { تعجبك اجسامهم } بشكفت آرد ترا اجسام ايشان، لضخامتها ويروقك منظرهم لصباحة وجوههم واصله من العجب والشىء العجيب هو الذى يعظم فى النفس امره لغرابته والتعجب حيرة تعرض للنفس بواسطة ما يتعجب منه { وان يقولوا } وجون سخن كويند { تسمع لقولهم } لفصاحتهم وذلاقة ألسنتهم وحلاوة كلامهم واللام صلة وقيل تصغى الى قولهم وكان ابن ابى جسيما صبيحا فصيحا يحضر مجلس رسول الله عليه السلام فى نفر من امثاله وهم رؤساء المدينة وكان عليه السلام ومن معه يعجبون بهياكلهم ويسمعون الى كلامهم وان الصباحة حسن المنظر لايكون الا من صفاء الفطرة فى الاصل ولذا قال عليه السلام " اطلبوا الخير عند حسان الوجوه " اى غالبا وكم من رجل قبيح الوجه قضاء للحوائج قال بعضهم
يدل على معروفه حسن وجهه ومازال حسن الوجه احد الشواهد   
وفى الحديث " اذا بعثتم الىَّ رجلا فابعثوه حسن الوجه حسن الاسم " ثم لما رأى عليه السلام غلبة الرين على قلوب المنافقين وانطفاء نور استعدادهم وابطال الهيئات الدنية العارضية خواصهم الاصلية ايس منهم وتركهم على حالهم وروى عن بعض الحكماء انه رأى غلاما حسنا وجهه فاستنطقه لظنه ذكاء فطنته فما وجد عنده معنى فقال ما احسن هذا البيت لو كان فيه ساكن وقال آخر طشت ذهب فيه خل { كأنهم خشب مسندة } فى حيز الرفع على انه خبر مبتدأ محذوف اى هم كأنهم او كلام مستأنف لامحل له والخشب بضمتين جميع خشبة كأ كم واكمة او جمع خشب محركة كأسد واسد وهو ماغلظ من العيدان والاسناد الامالة ومسندة للتكثير فان التسنيد تكثير الاسناد بكثرة المحال اى كأنها أسندت الى مواضع والمعنى بالفارسية كويا ايشان جو بهاى خشك شده ا ند بديوار بازنهاده، شبهوا فى جلوسهم فى مجالس رسول الله مستندين فيها بخشاب منصوبة مسندة الى الحائط فى كونهم اشباحا خالية عن العلم والخير والانتفاع ولذا اعتبر فى الخشب التنسيد لان الخشب اذا انتفع به كان فى سقف او جدار او غيرهما من مظان الانتفاع فكما ان مثل هذا الخشب لانفع فيه فكذا هم لانفع فيهم وكما ان الروح النامية قد زالت عنهم فهم فى زوال استعداد الحياة الحقيقية والروح الانسانى بمثابتها. يقول الفقير فيه اشارة الى ان الاستناد فى مجالس الاكابر او فى مجالس العلم من ترك الأدب ولذا منع الامام مالك رحمه الله هرون من الاستناد حين سمع منه الموطأ حكى ان ابراهيم بن ادهم قدس سره كان يصلى ليلة فأعيى فجلس ومد رجليه فهتف به هاتف اهكذا تجالس الملوك وكان الحريرى لايمد رجليه فى الخلوة ويقول حفظ الأدب مع الله احق وهذا من أدب من عرف معنى الاسم المهيمن فان من عرف معناه يكون مستحييا من اطلاعه تعالى عليه ورؤيته له وهو المراقبة عند اهل الحقيقة ومعناه علم القلب باطلاع الرب ودلت الآية وكذا قوله عليه السلام

السابقالتالي
2 3