الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }

قوله تعالى { يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي ٱلأَرْضِ } يعلم ما يلج فى ارض القلوب من انوار الغيوب { وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا } من نبات المعرفة واشجار المحبة وازهار الحكمة يعلم ما يلج فيها من سنا تجليه وما يخرج منها من صفاء التوحيد والتجريد والتفريد قال سهل يعلم ما يدخل ارض قلبه من الفساد والصلاح وما يخرج منها من فنون الطاعات فيتبين اثارها وانوارها على الجوارح قال الاستاذ فى قوله تعالى { مَا يَلِجُ فِي ٱلأَرْضِ } الذى فى قلبه من اخلاصه وتوحيده وحزنه وما فى قلب الجاحدة من شكه وشركه والاوصاف المذمومة وما ينزل من السماء على قلوب اوليائه من الالطاف والكشوفات وفنون الاحوال العزيزة وما يعرج فيها من انفاس الاولياء اذا تصاعدت وحسراتهم اذا علت قوله تعالى { وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا } ما ينزل من سماء الغيب من قطرات الالهام وما يعرج فيها من انوار انفاس المشتاقين والعاشقين والمحبين ومعالى هم العارفين قوله تعالى { وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ } ان للعارفين فى هذه الأية مقامين مقام عين الجمع ومقام افراد القدم عن الحدوث فمن حيث الوحدة والقدم تصاغر الاكوان فى عزة الرحمن وسطوات عظمته حتى لا يبقى أثرها فتسلط عظمته معها حتى ازالها بحيث لا افتراق بين فعله وقهر قدرته ومن حيث الجمع باشر نور الصفة نور الفعل ونور الصفة قائم بالذات يتجلى بنوره لفعله من ذاته وصفته ثم يتجلى من الفعل فترى جميع الوجود مرأة وجوده وهو ظاهر بكل شئ من كل شئ للعموم بالفعل وللخصوص بالاسم والنعت ولخصوص الخصوص بالصفة وللقائمين بمشاهدة ذاته بالذات وهو تعالى منزه عن البينونة والحلول والافتراق والاجتماع انما هو ذوق العشق ولا يعلم تاويله الا العاشقون قال الحسين ما فارق الاكوان الحق ولا قارنها كيف يفارقها وهو موجدها وحافظها وكيف يقارن الحدث القدم به قوام الكل وهو بائن عن الكل الا تراه يقول وهو معكم اينما كنتم يا اخى هذه الأية مقتضية البشارة للعاشقين حيث معهم اينما كانوا وتوثيق للمتوكلين وسكينة للعارفين وبهجة للمحبين ويقين للمراقبين ورعاية للمقبلين واشارة الاتحاد للموحدين.