{ قال قرينه } من الشَّياطين: { ربنا ما أطغيته } ما أضللته { ولكن كان في ضلال بعيد } أَيْ: إنَّما طغى هو بضلاله، وإنَّما دعوته فاستجاب لي، كما قال في الإخبار عن الشَّيطان:{ إلاَّ أنْ دعوتُكم فاستجبتُمْ لي } فحينئذٍ يقول الله: { لا تختصموا لدي وقد قدَّمت إليكم بالوعيد } حذَّرتكم العقوبة في الدُّنيا على لسان الرُّسل. { ما يبدل القول لدي } لا تبديل لقولي ولا خلف لوعدي { وما أنا بظلام للعبيد } فأعاقب بغير جرم. { يوم نقول لجهنم هل امتلأت } وهذا استفهامُ تحقيقٍ، وذلك أنَّ الله عزَّ وجلَّ وعدها أن يملأها، فلمَّا ملأها قال لها: { هل امتلأت وتقول هل من مزيد } أَيْ: هل بقي فيَّ موضعٌ لم يمتلىء، أيْ: قد امتلأت. { وأزلفت الجنة } أُدنيت الجنَّة { للمتقين } حتى يروها { غير بعيد } منهم، ويقال لهم: { هذا ما توعدون لكلِّ أوَّاب } رجَّاع إلى الله بالطًّاعة { حفيظ } حافظ لأمر الله. { من خشي الرحمن بالغيب } خاف الله ولم يره { وجاء بقلب منيب } مقبلٍ إلى طاعة الله. يقال لهم: { ادخلوها بسلام } بسلامةٍ من العذاب { ذلك يوم الخلود } لأهل الجنَّة فيها. { لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد } زيادةٌ ممَّا لم يخطر ببالهم. وقيل هو الرُّؤية. { وكم أهلكنا قبلهم } قبل أهل مكَّة { من قرنٍ } جماعةٍ من النَّاس { هم أشدُّ منهم بطشاً فَنَقَّبوا } طوَّفوا البلاد وفتَّشوا، فلم يروا محيصاً من الموت. { إن في ذلك } الذي ذكرت { لذكرى } لعظةً وتذكيراً { لمن كان له قلب } أَيْ: عقلٌ { أو ألقى السمع } أَيْ: استمع القرآن { وهو شهيد } حاضر القلب. وقوله: { وما مسنا من لغوب } أَيْ: وما أصابنا تعبٌ وإعياءٌ، وهذا ردٌّ على اليهود في قولهم: إنَّ الله تعالى استراح يوم السَّبت. { فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك } صلِّ لله { قبل طلوع الشمس } أَيْ: صلاة الفجر { وقبل الغروب } صلاة الظهر والعصر. { ومن الليل فسبحه } أَيْ: صلاتي العشاء { وأدبار السجود } أَيْ: الرَّكعتين بعد المغرب. { واستمع } يا محمد { يوم ينادي المنادي } وهو إسرافيل عليه السَّلام يقول: أيَّتها العظام البالية، واللُّحوم المُتمزِّقة، إنَّ الله يأمركنَّ أن تجتمعن لفصل القضاء { من مكان قريب } من السِّماء، وهو صخرة بيت المقدس أقرب موضعٍ من الأرض إلى السَّماء. { يوم يسمعون الصيحة بالحق } أَيْ: نفخة البعث { ذلك يوم الخروج } من القبور.