قوله تعالى: " وَعَاداً وَثمُوداً " نصب " بأَهْلَكْنَا " مقدراً، أو عطف على مفعول " فَأَخَذَتْهُمْ " أو على منصوب " ولقد فتنا " أول السورة، وهو قول الكسائي. وفيه بعد كثير وتقدم تنوين " ثمود " ، وعدمه في هود، وقرأ ابن وثاب: " وعادٍ وَثُمُودٍ " بالخفض عطفاً على " مَدْيَنَ " عطف لمجرد الدلالة، وإلا يلزم أن يكون شعيبٌ مرسلاً إليهما، وليس كذلك. قوله: { وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ } أي ما حلَّ بهم وقرأ الأعمش: " مَسَاكِنُهُم " بالرفع على الفاعلية بحذف " من ". ثم (بين) سبب (ما) جرى عليهم فقال: { وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ } أي عن سبيل الحق، وهو عبادة الله " وكَانُوا مُسْتَبصْرِينَ " قال مقاتل والكلبي وقتادة كانوا معجبين في دينهم وضلالتهم يحسبون أنهم على هدى، وكانوا على الباطل، والمعنى أنهم كانوا عند أنفسهم مستبصرين وقال الفراء: كانوا عقلاء ذوي بصائر. وقيل: كانوا مستبصرين بواسطة الرسل، يعني لم يكن لهم في ذلك عذر لأن الرسل أوضحوا السبل. قوله: { وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ } عطف على " عاداً وثموداً " أو على مفعول: " فصدهم " ، أو بإضمار: اذكروا، { وَلَقَدْ جَآءَهُمْ مُّوسَىٰ بِٱلْبَيِّنَاتِ } بالدلالات كما قال في عاد وثمود " وكانوا مستبصرين " أي بالرسل. { فَٱسْتَكْبَرُواْ فِي ٱلأَرْضِ } أي عن عبادة الله، فقوله " في الأَرْضِ " إشارة إلى قلة عقلهم فاسْتكبارهم، لأن من في الأرض أضعف أقسام المكلفين، ومن في السماء أقواهم، ثم إن " من في السماء " لا يستكبرون على الله بالعبادة فكيف " من في الأرض " ، { وَمَا كَانُواْ سَابِقِينَ } أي فائتين من عقابنا. قوله: " فَكُلاًّ " منصوب " بأخذنا " و " بذَنْبِه " أي بسببه أو مصاحباً لذنبه، { فَمِنْهُم مَّن أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً } وهم قوم لوط والحاصب: الريح التي تحمل الحصباء وهي الحصا الصِّغَارُ وقيل: كانت حجارة مَحْمِيَّة تقع على واحد منهم وتَنْفُذُ من الجانب الآخر، { وَمِنْهُمْ مَّنْ أَخَذَتْهُ ٱلصَّيْحَةُ } يعني ثمود { وَمِنْهُمْ مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ ٱلأَرْضَ } وهم " قارون " وأصحابه، { وَمِنْهُمْ مَّنْ أَغْرَقْنَا } يعني قوم نوح وفرعون وقومه. وقوله: " مَنْ أَغْرَفْنَا " عائده محذوف لأجل سنة الفاصلة، ثم قال: { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ } يعني لم يظلمهم بالهلاك وإنما ظلموا أنفسهم بالإشراك.