قوله تعالى: { ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن } يعني حفظه { حتى يبلغ أشُدّه } مجمع عقله وزوال اسم اليتيم عنه، وقيل: ثماني عشرة سنة { وأوفوا بالعهد } ، قيل: بالوصية بمال اليتيم وبغيرها من الوصايا، وقيل: كلما أمر الله تعالى به ونهى عنه فهو من العهد { وأوفوا الكيل إذا كلتم } يعني أوفوا الكيل إذا كلتم { وزنوا بالقسطاس المستقيم } ، قيل: هو الميزان، وقيل: الوزن بالقسطاس وإتمام الكيل { ولا تقف ما ليس لك به علم } ، قيل: لا تقول سمعت ولم تسمع ورأيت ولم ترى، وقيل: هو شهادة الزور { إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً } قوله تعالى: { ولا تمش في الأرض مرحاً } ، قيل: بطراً عن علي، وقيل: خيلاً وكبر { إنك لن تخرق الأرض } من تحت قدمك { ولن تبلغ الجبال طولاً } بتطاولك { كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروهاً } يعني كل ذلك، كناية عن جميع ما تقدم من الحسنات والمقبحات من قوله تعالى:{ وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه } [الإسراء: 23] إلى ها هنا، فكأنه قال: جميع ذلك عبارة عما كان من المقبحات، كأنه قال: كل سيئه فهو مكروه عند الله تعالى أي كل ما عددنا من السيئات فهو مكروه، قال جار الله: فإن قلتَ: على قراءة من قرأ سيئه مثل ذلك { ولا تجعل مع الله إلهاً آخر } يعني لا تعبد معه غيره { فتلقى } أي إذا فعلت ذلك أيها المكلف ألقيت { في نار جهنم ملوماً } يعني يلومك الله والملائكة والمؤمنون، وقيل: اللوم اللعن والذم عن أبي علي { مدحوراً } مطروداً، عن ابن عباس { أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثاً } الآية نزلت في مشركي العرب ومشركي قريش قالوا: الملائكة بنات الله، يعني أفخصّكم ربكم بأفضل الأولاد وهم البنون، وقيل: أخلص لكم البنين وجعل البنات بينكم وبينه شركة { إنكم لتقولون قولاً عظيماً } أي كبيراً في الاثم { ولقد صرّفنا في هذا القرآن } يعني كررنا الدلائل وفصّلنا العبر والأمثال { ليذكروا وما يزيدهم إلا نفوراً } يعني لا يزيدهم القرآن والتذكير إلا نفوراً، ذهاباً عن الحق وتباعداً عنه { قل لو كان معه آلهة كما يقولون } ، قل: يا محمد لهؤلاء المشركين، وقيل: أيها السامع أو الانسان فإنه يجب على كل مكلف أن يحتج عليهم بذلك لو كان معه آلهة أي مع الله كما تقولون { إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلاً } فطلبوا إلى منزلة الملك والربوبية سبيلاً بالمغالبة كما يفعل الملوك بعضهم مع بعض كقوله:{ لو كان فيهما آلِهة إلا الله لفسدتا } [الأنبياء: 22]، وقيل: سبيلاً بقربهم اليه لعلوّه عليهم وعَظَمَته عندهم والتمسوا الزلفة عندهم { سبحانه } أي تنزيهاً له { وتعالى عما يقولون علواً كبيراً } قوله تعالى: { تسبح له السماوات السبع } بلسان الحال حيث يدل على الصانع وعلى قدرته وحكمته فكأنها تنطق بذلك، وكأنها تنزهه تعالى بما لا يجوز عليه من الشرك وغيرها { ولكن لا تفقهون تسبيحهم } أي لا يعلمون ذلك لأنكم لا تفكرون فيها، وإنما الخطاب للمشركين وكانوا إذا سألوا عن خالق السماوات والأرض قالوا: الله، إلا أنهم جعلوا معه آلهة مع إقرارهم، فكانوا لم ينظروا ولم يقرّوا، لأن نتيجة النظر الصحيح والإِقرار الثابت خلاف ما كانوا عليه، قال في الغرائب والعجائب في قوله: { وإن من شيء إلا يسبح بحمده } ، فقيل: من الأحياء، وقيل: عام حتى صرير الباب ورعد السحاب، قال فيه أيضاً: تسبحه حمل غيره على التسبيح إذا تأمل فيه وتدبر فيه، قال فيه أيضاً: { ولكن لا تفقهون تسبيحهم } لأنها بغير لسانكم أو لأنها تتكلم في بعض الحالات دون بعض.