قوله: { قَالَ ٱدْخُلُواْ فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ } الآية. قرأ الأعمش: " (حَتَّى) إِذَا تَدَارَكُواْ (فِيهَا) " ، على الأصل، على تفاعلوا. وقرأ مجاهد: أدَّرَكوا، أي: أدرك بعضهم بعضاً، وأصله: افتعلوا. والمعنى: إنها خبر من الله (تعالى)، عما يقول لهؤلاء المفترين المكذبين بالقرآن يقول لهم: { ٱدْخُلُواْ فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ } ، أي في الجماعة من أجناسكم، { قَدْ خَلَتْ } في النار، { مِّن ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ }. وقيل: معنى { فِيۤ أُمَمٍ } ، أي: مع أمم. وقوله: { كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا }. أي: كلما دخلت جماعة النار شتمت الجماعة الأخرى التي من أهل ملتها. وعني بـ " الأخت " هنا: الأخوة في الدين والملة. قال السدي: يلعن المشركون [المشركين]، واليهود اليهود، والنصارى النصارى. وكذلك أهل كل ملة تلعن الجماعة، من أهل دينها التي دخلت النار قبلها. وقوله: { حَتَّىٰ إِذَا ٱدَّارَكُواْ فِيهَا }. أي: أدرك الآخر الأول في النار، واجتمعوا، { قَالَتْ أُخْرَاهُمْ } ، أي: الجماعة الآخرة { لأُولاَهُمْ } للجماعة الأولى من أهل دينها، الذين أضلوا من كان بعدهم؛ لأن الأول أضل الآخر { رَبَّنَا هَـٰؤُلاۤءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِّنَ ٱلنَّارِ }. قال السدي: { قَالَتْ أُخْرَاهُمْ } ، الذين كانوا في آخر الزمان، { لأُولاَهُمْ } ، للذين شرعوا لهم الدين. ثم أخبرنا الله (تعالى)، عما هو قائل لهم، بأن قال: { لِكُلٍّ ضِعْفٌ } ، أي: للأولى والآخرة { ضِعْفٌ } من النار، أي: يكون عليكم العذاب، { وَلَـٰكِن لاَّ تَعْلَمُونَ } ، أي: ولكنكم لا تعلمون قدر ما أعد الله لكم من العذاب، فلذلك تسألون الضعف. وهذا على المخاطبة لهم. ومن قرأ " بالياء " ، فعلى الإخبار عنهم أنهم لا يعلمون قدر العذاب. [وقيل: إن معنى قراءة " التاء " ، ولكن لا تعلمون يا أهل الدنيا مقدار ما هم فيه من العذاب]. وقيل: معنى قراءة " الياء ": ولكن لا يعلم كل فريق منهم مقدار عذاب الآخرة. ومعنى " التاء ": ولكن لا تعلمون أيها المخاطبون ما لكل فريق منكم من العذاب. ثم أخبر الله، تعالى، عن قول الأولى للآخرة فقال: { وَقَالَتْ أُولاَهُمْ } ، أي: أولى كل أمة، { لأُخْرَاهُمْ } ، أي: من بعدهم [وزمان]، آخر فسلكوا سبيلهم { فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ } ، أي: قد علمتم أنا كفرنا وكفرتم بما جاءنا وإياكم به الرسل والنذر، فنحن وإياكم سواء، قد أضللناكم وأضللتم. [وقال مجاهد: { مِن فَضْلٍ } ، من التخفيف من العذاب، فهو كقوله: { فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ } ]. ثم قال الله (تعالى) لجميعهم: { فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ } في الدنيا، { تَكْسِبُونَ } ، من الآثام والمعاصي. { فِي ٱلنَّارِ } ، تمام.