{ فإذا جاءت الطامّةُ الكُُبْرى } فيه أربعة أقاويل: أحدها: أنها النفخة الآخرة، قاله الحسن. الثاني: أنها الساعة طمت كل داهية، والساعة أدهى وأمّر، قاله الربيع. الثالث: أنه اسم من أسماء القيامة يسمى الطامة، قاله ابن عباس. الرابع: أنها الطامة الكبرى إذا سيق أهل الجنة إلى الجنة، وأهل النار إلى النار، قاله القاسم بن الوليد، وهو معنى قول مجاهد. وفي معنى " الطامّة " في اللغة ثلاثة وجوه: أحدها: الغاشية. الثاني: الغامرة. الثالث: الهائلة، ذكره ابن عيسى، لأنها تطم على كل شيء أي تغطيه. { وأمّا مَنْ خاف مَقام رَبِّهِ ونَهَى النفْسَ عن الهَوى } فيه وجهان: أحدهما: هو خوفه في الدنيا من الله عند مواقعة الذنب فيقلع، قاله مجاهد. الثاني: هو خوفه في الآخرة من وقوفة بين يدي الله للحساب، قاله الربيع بن أنس، ويكون معنى: خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى، قال الكلبي: وزجر النفس عن المعاصي والمحارم. { فإنّ الجنّةَ هي المأوَى } أي المنزل، وذكر أنها نزلت في مصعب بن عمير. { يسألونَكَ عن الساعةِ أيّانَ مُرْساها } قال ابن عباس: متى زمانها، قاله الربيع { فيمَ أنْتَ مِن ذِكْراها } فيه وجهان: أحدهما: فيم يسألك المشركون يا محمد عنها ولست ممن يعلمها، وهو معنى قول ابن عباس. الثاني: فيم تسأل يا محمد عنها وليس لك السؤال، وهذا معنى قول عروة بن الزبير. { إلى ربِّك مُنْتَهاها } يعني منتهى علم الساعة: فكف النبي صلى الله عليه وسلم عن السؤال وقال: يا أهل مكة إن الله احتجب بخمس لم يُطْلع عيهن مَلَكاً مقرباً ولا نبياً مرسلاً فمن ادعى علمهن فقد كفر: { إن اللَّه عنده علم الساعة... } إلى آخر السورة. { إنّما أنْتَ } يعني محمداً صلى الله عليه وسلم. { مَنْذِرُ مَنْ يَخْشَاها } يعني القيامة. { كأنّهم يومَ يَرَوْنَها } يعني الكفار يوم يرون الآخرة. { لَمْ يَلْبَثُوا } في الدنيا. { إلاَّ عَشيّةً } وهي ما بعد الزوال. { أو ضُحاها } وهو ما قبل الزوال، لأن الدنيا تصاغرت عندهم وقلّت في أعينهم، كما قال تعالى: { ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعةً من نهارٍ }.