{ وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا } ، يعني بالقرآن أنه ليس من الله، { وَٱسْتَكْبَرُواْ عَنْهَآ } ، وتكبروا عن الإيمان بآيات القرآن، { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [آية: 36].
{ فَمَنْ أَظْلَمُ } ، يعني فلا أحد أظلم، { مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } بأن معه شريكاً وأنه أمر بتحريم الحرث، والأنعام، والألبان، والثياب، { أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ } ، يعني بآيات القرآن، { أُوْلَـٰئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم } ، يعني حظهم، { مِّنَ ٱلْكِتَابِ } ، وذلك أن الله قال في الكتب كلها: إنه من افترى على الله كذباً، فإنه يسود وجهه، فهذا ينالهم في الآخرة، نظيرها في الزمر:{ تَرَى ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى ٱللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ } [الزمر: 60]، وقال: { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ } ، يعني ملك الموت وحده، ثم قالت لهم خزنة جهنم قبل دخول النار في الآخرة: { قَالُوۤاْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ } ، يعني تعبدون، { مِن دُونِ ٱللَّهِ } من الآهلة، هل يمنعونكم من النار، { قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا } ، يعني ضلت الآلهة عنا، يقول الله: { وَشَهِدُواْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ } [آية: 37]، وذلك حين قالوا:{ وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } [الأنعام: 23]، فشهدت عليهم الجوارح بما كتمت الألسن من الشرك والكفر، نظيرها في الأنعام.
{ قَالَ } ، أى قالت الخزنة: { ٱدْخُلُواْ } النار { فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ مِّن ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ فِي ٱلنَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ } النار { لَّعَنَتْ أُخْتَهَا } ، لعنت أهل ملتهم يلعن المشركون المشركين، ويلعن اليهود اليهود، ويلعن النصارى النصارى، ويلعن المجوس المجوس، ويلعن الصابئون الصابئين، ويلعن الأتباع القادة، يقولون: لعنكم الله أنتم ألقيتمونا في هذا الملقى حين أطعناكم، يقولون: { حَتَّىٰ إِذَا ٱدَّارَكُواْ فِيهَا } ، يعني حتى إذا اجتمعوا في النار { جَمِيعاً } القادة، والأتباع، وقد دخلت القادة والأتباع، { قَالَتْ أُخْرَاهُمْ } دخولاً النار، وهم الأتباع { لأُولاَهُمْ } دخولاً النار، وهم القادة، { رَبَّنَا هَـٰؤُلاۤءِ } القادة { أَضَلُّونَا } عن الهدى، { فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً } ، يعني أعطهم عذاباً مضاعفاً { مِّنَ ٱلنَّارِ } { قَالَ } يقول الله: { لِكُلٍّ } ، يعني الأتباع والقادة، { ضِعْفٌ } يضاعف العذاب، { وَلَـٰكِن لاَّ تَعْلَمُونَ } [آية: 38].
{ وَقَالَتْ أُولاَهُمْ } دخولاً النار، وهم القادة، { لأُخْرَاهُمْ } دخولاً النار وهم الأتباع، { فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ } في شىء، فقد ضللتم كما ضللنا، { فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ } [آية: 39]، يعني تقولون من الشرك والتكذيب.