{ قَالَ ٱدْخُلُواْ فِيۤ أُمَمٍ } أي قال الله للكفار: " ادخلوا في أمم " في محل الحال، أي: كائنين في جملة أمم أو مع أمم، { قَدْ خَلَتْ } أي: سبقتكم وتقدمتكم في الزمان، { مِّن ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ فِي ٱلنَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا } التي اقتدت بها في الضلال. والمعنى: لعنت أختها في الدين لا في النسب، { حَتَّىٰ إِذَا ٱدَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعاً } أصله: " تَدَاركُوا " فأدغمت التاء في الدال، ثم اجتلب لها ألف الوصل توصلاً إلى النطق بالساكن، والمعنى: حتى إذا تلاحقوا واجتمعوا في النار، { قَالَتْ أُخْرَاهُمْ } آخرهم دخولاً النار وهم الأتباع { لأُولاَهُمْ } الرؤساء القادة الذين دخلوا النار قبلهم، والمعنى: لأجل أولاهم؛ لأن قولهم لله لا لأولاهم، { رَبَّنَا هَـٰؤُلاۤءِ أَضَلُّونَا }. قال ابن عباس: لأنهم شرعوا لنا أن نتخذ من دونك إلهاً. { فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً } أي: مضاعفاً { مِّنَ ٱلنَّارِ }؛ لأنهم ضلوا وأضلوا، { قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ } أي: عذاب مضاعف، { وَلَـٰكِن لاَّ تَعْلَمُونَ }. قرأ أبو بكر عن عاصم: " يعلمون " بالياء. وقرأ الباقون بالتاء على المخاطبة. فمن قرأ بالتاء فعلى معنى: لا تعلمون أيها المخاطبون ما لكل فريق منكم من العذاب. وقال الزجاج: يجوز أن يكون - والله أعلم -: ولكن لا تعلمون يا أهل الدنيا [مقدار] ذلك. ومن قرأ: " يعلمون " فعلى معنى: لا يعلم كل فريق منهم ما للآخر من العذاب. { وَقَالَتْ أُولاَهُمْ لأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ } يقتضي في حقكم التخفيف بالنسبة إلينا والتضعيف علينا، كأنهم التمسوا التسوية في العذاب؛ لاشتراكهم في سببه. قال الله تعالى: { فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ } أيها القادة والأتباع، { بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ } من الكفر والتكذيب. ويجوز أن يكون هذا من تمام قول القادة للأتباع.