{ إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً } فيه خمسة أوجه: أحدها: أن الحصب الحجارة التي رموا بها من السماء، والحصباء هي الحصى وصغار الأحجار. الثاني: أن الحاصب الرمي بالأحجار وغيرها، ولذلك تقول العرب لما تسفيه الريح حاصباً، قال الفرزدق:
مستقبلين شمال الشام تضربنا
بحاصب كنديف القطن منثور
الثالث: أن الحاصب السحاب الذي حصبهم. الرابع: أن الحاصب الملائكة الذين حصبوهم. الخامس: أن الحاصب الريح التي حملت عليهم الحصباء. { إِلاَّ ءَالَ لُوطٍ } يعني ولده ومن آمن به. { نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ } والسحر هو ما بين آخر الليل وطلوع الفجر، وهو في كلام العرب اختلاط سواد آخر الليل ببياض أول النهار لأن هذا الوقت يكون مخاييل الليل ومخاييل النهار. { وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ } يعني ضيف لوط وهم الملائكة الذين نزلوا عليه في صورة الرجال، وكانوا على أحسن صورهم، فراودوا لوطاً عليهم طلباً للفاحشة. { فَطَمَسْنَآ أَعْيُنَهُمْ } والطمس محو الأثر ومنه طمس الكتاب إذا محي، وفي طمس أعينهم وجهان: أحدهما: أنهم اختفوا عن أبصارهم حتى لم يروهم، مع بقاء أعينهم، قاله الضحاك. الثاني: أعينهم طمست حتى ذهبت أبصارهم وعموا فلم يروهم، قاله الحسن، وقتادة. { فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ } فيه وجهان: أحدهما: أنه وعيد بالعذاب الأدنى، قاله الضحاك. الثاني: أنه تقريع بما نالهم من عذاب العمى الحال، وهو معنى قول الحسن، وقتادة.