قوله: { فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا } أي: ضمّها زكرياء في تفسير من خَفّف قراءتها، ومن ثقّل قراءتها يقول: وكفّلها اللهُ زكريا، بنصب زكرياء. قوله: { كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً } ذكر بعضهم قال: كان يجد عندها فاكهة الصّيف في الشتاء، وفاكهة الشتاء في الصيف. { قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا } أي: من أين لك هذا. { قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ }. قال الله: { هُنَالِكَ َدَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً } [أي تقيّةً] { إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ } فاستجاب الله له { فَنَادَتْهُ المَلاَئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ } أي في المسجد. فبينما هو قائم يصلي إذا هو برجل قائم، عليه ثياب بيض، قائم مقابله، وهو جبريل عليه السلام؛ فناداه وهو قائم يصلي في المحراب: { أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيىَ مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللهِ }. والكلمة عيسى عليه السلام. قوله: { يُبَشِّرُكَ بِيَحْيىَ } قال بعض المفسّرين: أحياه الله بالإِيمان. { مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللهِ } ، يعني عيسى على سنته ومنهاجه. قال: { وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ }. قال بعض المفسّرين: السيد الحسن الخلق، والحصور الذي لا يأتي النساء، يقول: حصر عنهن فلا يستطيعهن. وقال بعضهم: سيد بالعبادة والحلم والورع. والحصور الذي لا يأتي النساء. وقال مجاهد: السيد هو الكريم على الله. { قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ } أي كيف يكون { لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِي الكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ } أي لا تلد. قال الحسن: أراد أن يعلم كيف وهب ذلك له وهو كبير، وامرأته كبيرة عاقر. وإنما ذلك بمنزلة قول إبراهيم:{ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي المَوْتَى } [البقرة:260]. أراد أن يزداد علماً.