- قوله تعالى: { رَّبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا (ٱلرَّحْمَـٰنِ) }. إلى آخر السورة. [من] رفع { رَّبِّ } فعلى الابتداء، أو على إضمار مبتدأ. ومن خفضه فعلى البدل من قوله: من ربك او على النعت. والمعنى: هو مالك السماوات والأرض وما بينهما من الخلق. - { ٱلرَّحْمَـٰنِ لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً }. (أي): لا يقدر أحد من خلقه على خطابه يوم القيامة إلا من أذن له منهم. قال مجاهد وقتادة: { لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً } ، أي: " كلاماً ". - ثم قال تعالى: { يَوْمَ يَقُومُ ٱلرُّوحُ وَٱلْمَلاَئِكَةُ صَفّاً }. أي: يجازيهم في يوم يقوم الروح. قال ابن مسعود: " الروح ملك في السماء الرابعة، هو أعظم من السماوات ومن الجبال ومن الملائكة، يسبح الله كل يوم اثنتي عشرة ألف تسبيحة، [يخلق] الله من كل تسبيحة ملكاً من الملائكة فيجيء يوم القيامة صفاً [واحداً] ". وقال ابن عباس: (هو) ملك من أعظم الملائكة خلقاً. وقال الضحاك والشعبي: الروح هنا: جبريل عليه السلام. وقال مجاهد: [الروح خلق من صورة] بني آدم، يأكلون ويشربون وليسوا (بملائكة). وقالوا أبو صالح: " يشبهون الناس وليسوا بالناس ". وقال قتادة: الروح (بنو آدم. وهو قول الحسن. وعن ابن عباس أيضاً [أنه] أرواح) بني آدم تقوم مع الملائكة فيما بين النفختين قبل أن يردها الله إلى الأجسام. وقال ابن زيد: هو القرآن. وقرأ:{ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا } [الشورى: 52]، فلا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن في الكلام فيتكلم. روي أنهم يؤذن لهم في الكلام حين يُمَرُّ بأهل النار إلى النار، وبأهل الجنة إلى الجنة. وقال عكرمة: يمر بأناس من أهل النار على ملائكة فيقولون: أين تذهبون بهؤلاء؟ فيقال: إلى النار. فتقول: بما كسبت أيديهم، وما ظلمهم (الله). ويمر بأناس من أهل الجنة على ملائكة فيقولون: أين تذهبون بهؤلاء؟ فيقولون: إلى الجنة. فيقولون: برحمة الله دخلتم الجنة. وعن ابن عباس أنه قال: إلا من أذن لهم الرب بشهادة أن لا إله إلا الله. وهو منتهى الصواب. وقال مجاهد: { وَقَالَ صَوَاباً }. (أي: " وقال حقاً في الدنيا وعمل به ". وقال أبو صالح: { وَقَالَ صَوَاباً }. أي): قال لا إله إلا الله وهو قول عكرمة. - ثم قال تعالى: { ذَلِكَ ٱلْيَوْمُ ٱلْحَقُّ }. أي: يوم يقوم فيه الروح والملائكة صفاً هو يوم حَقٌّ إتيانه لا شك فيه. - ثم قال تعالى: { فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ مَآباً }. أي: فمن شاء في الدنيا اتخذ بالعمل الصالح والإيمان إلى ربه في ذلك اليوم مرجعاً ومنجى وسبيلاً (وطريقاً إلى رحمته. وفي الكلام معنى التهدد والوعيد، أي: من لم يفعل ذلك فسيرى ما يحل به) غداً.