قوله تعالى (ذكره): { وَٱذْكُـرْنَ مَا يُتْـلَىٰ فِي بُيُوتِكُـنَّ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ وَٱلْحِكْـمَةِ } إلى قوله: { وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ مَفْعُولاً }. أي: واذكرن نعمة الله عليكن إذ جعلكن في بيوت تتلى فيهما (آيات) الله والحكمة، أي: اشكرن الله على ذلك. والحكمة هنا: ما أوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أمر دينه مما لم ينزل به قرآن، وذلك السنة. قال قتادة: الحكمة السنة امتَنَّ (الله) عليهن بذلك. وقيل: معناه الحكمة من الآيات. ثم قال: { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ لَطِيفاً } أي (ذا) لطف بكن إذ جعلكن في البيوت التي يتلى فيها القرآن والسنة. { خَبِيراً } بكن إذ اختاركن لرسوله أزواجاً. ثم قال تعالى (ذكره) بعقب (ذِكِرُ) ما أَمَرَ به أزواج نبيه صلى الله عليه وسلم. { إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَاتِ } الآية، أي: (المتذللين) بالطاعة والمتذللات. وأصل الإسلام / التذلل والانقياد والخضوع. { وَٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ } أي: المصدقين الله ورسوله والمصدقات. وأصل الإيمان التصديق. { وَٱلْقَانِتِينَ وَٱلْقَانِتَاتِ } أي: والمطيعين والمطيعات الله ورسوله، فيما أمروا به ونهوا عنه. وأصل القنوت الطاعة. { وَٱلصَّادِقِينَ وَٱلصَّادِقَاتِ } أي صدقوه فيما عاهدوه عليه. { وَٱلصَّابِرِينَ وَٱلصَّابِرَاتِ } أي: صبروا لله في البأساء والضراء على الثبات على دينه. { وَٱلْخَاشِعِينَ وَٱلْخَاشِعَاتِ } أي خشعوا لله وجلاً من عقابه وتعظيماً له. { وَٱلْمُتَصَدِّقِينَ وَٱلْمُتَصَدِّقَاتِ } أي: تصدقوا بما افترض الله عليهم في أموالهم. { وٱلصَّائِمِينَ وٱلصَّائِمَاتِ } أي: صاموا شهر رمضان الذي افترضه الله عليهم. { وَٱلْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَٱلْحَافِـظَاتِ } أي: حفظوها إلا عن الأزواج أو ما ملكت أيمانهم. { وَٱلذَّاكِـرِينَ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱلذَّاكِرَاتِ } أي: ذكروه بألسنتهم وقلوبهم. { أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً } أي: ستراً لذنوبهم وثواباً في الآخرة من أعمالهم وهو الجنة. قال مجاهد: لا يكون ذاكراً لله حتى يذكره قائماً وجالساً ومضطجعاً. وقال أبو سعيد الخدري: من أيقظ أهله وصَلَّياّ أربع ركعات كُتِباَ من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات. قال قتادة: دخل نساء على نساء النبي صلى الله عليه وسلم، فقلن قد ذكركن الله في القرآن ولم نذكر بشيء، أما فينا من يذكر؟ فأنزل الله جل ذكره: { إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ } الآية. وقال مجاهد: قالت أم سلمة: يا رسول الله، يذكر الرجال ولا يذكر النساء؟ فنزلت الآية: " إن المسلمين " الآية. ثم قال تعالى: { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ } أي: أن يتخيروا من (أمرهم غير) الذي قضى الله ورسوله، ويخالفوا (ذلك) فيعصونهما، { وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } أي: فيما أُمِرَ أو نُهِيَّ. { فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِيناً } أي: جار عن قصد السبيل، وسلك غير طريق الهدى. ويروى أن هذه الآية نزلت في زينب بنت جحش حين خطبها رسول الله على فتاه زيد بن حارثة فامتنعت من إنكاحه (نفسها).