- قوله تعالى: { هَـٰذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ } ، إلى آخر السورة. أي: هذا يوم لا ينطق فيه أهل التكذيب بثواب الله وعقابه، وذلك في موطن دون موطن. ودليله: قوله - حكاية عنهم -{ رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا (مِنْهَا) } [المؤمنون: 107]{ رَبَّنَآ أَمَتَّنَا ٱثْنَتَيْنِ } [غافر: 11]. وشبهه. - ثم قال تعالى: { وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ }. أي: مما كسبوا في الدنيا من المعاصي. وقال ابن عباس: يوم القيامة أوقات، فوقت لا ينطقون فيه، وذلك عند (أول) نفخة، يريد: كل هول. وقيل: المعنى لا ينطقون فيه بحجة لهم. تقول العرب لمن أحتج بما / لا حجة فيه: ما جئت بشيء، ولا نطقت بشيء، أي: هم بمنزلة من لا ينطق، إذ لا ينتفعون بمنطقهم. ومثله في هذا المعنى قوله:{ صُمٌّ بُكْمٌ (عُمْيٌ) } [البقرة: 18]، أي: هم بمنزلة من هو هكذا. وقد استدل بعض أهل النظر على أنه يراد به بعض أوقات اليوم دون بعض [بإضافة] اليوم إلى الفعل. قال: والعرب لا تضيف اليوم إلى " فعل " و " يفعل " (إلا) إذا [أرادت] الساعة من اليوم، تقول: آتيك يوم يقدم فلان، وأراك يوم يقدم. والمعنى: ساعة يقدم، لأنه لا يتمكن أن يكون إتيانه اليوم كله. - ثم قال تعالى: { هَـٰذَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ جَمَعْنَٰكُمْ وَٱلأَوَّلِينَ }. أي: يقال [لهؤلاء المكذبين بالله ورسله: هذا يوم يفصل الله فيه بين خلقه بالحق، [جعلناكم فيه] لموعدكم الذي كنا نعدكموه في الدنيا، وجمعنا الأولين معكم ممن كان قبلكم من الأمم الماضية والقرون العافية. - { فَإِن كَانَ لَكمُ كَيْدٌ فَكِيدُونِ }. أي: فإن كان لكم كلكم اليوم حيلة تحتالون بها في التخلص من العقاب، فاحتالوا بها ولن تجدوا إلى ذلك سبيلاً. - { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ }. أي: للمكذبين بهذا الخبر. - ثم قال: { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي ظِلاَلٍ وَعُيُونٍ }. أي: إن الذين اتقوا الله بأداء فرائضه وطاعته في الدنيا { فِي ظِلاَلٍ } ، لا يصيبهم حر ولا قُرٌّ { وَعُيُونٍ } ، أي: وأنهار تجري في خلال أشجار جناتهم. - { وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ }. أي: يأكلون منها متى اشتهوا لا يخافون ضرها ولا عاقبة مكروهها. - { كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيـۤئاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }. أي: يقال لهم ذلك، أي كلوا من الفواكه، واشربوا [من] العيون هنيئاً [بما كنتم تعملون]. لا تكدير عليكم، ولا تنغيص في ذلك جزاء لكم بأعمالكم الصالحات في الدنيا وطاعتكم. وقيل: معناه: هنيئاً لكم، لا تموتون. - ثم قال تعالى: { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ }. أي: كما جزينا هؤلاء المتقين بما ذكرنا، كذلك نجزي من أحسن إلى نفسه فأطاع الله واجتنب معاصيه [وأدى] فرائضه. - ثم قال تعالى: { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ }. أي: للمكذبين بما أخبر الله من جزائه المتقين في الآخرة.