الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ }

قوله: { إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ }: صفةٌ لـ " طعامٌ " دَخَلَ الحصرُ على الصفةِ، كقولك: " ليس عندي رجلٌ إلاَّ من بني تميمٍ " والمرادُ بالحميم الصديقُ، فعلى هذا الصفةُ مختصَّةٌ بالطعامِ أي: ليس له صديق ينفعُه ولا طعامٌ إلاَّ مِنْ كذا. وقيل: التقديرُ: ليس له حميمٌ إلاَّ مِنْ غِسْلين ولا طعامٌ، قاله أبو البقاء، فجعل " مِنْ غِسْلين " صفةً للحميم، كأنَّه أرادَ به الشيءَ الذي يُحَمُّ به البدنُ مِن صديدِ النارِ. ثم قال: " وقيل: من الطعامِ والشرابِ؛ لأنَّ الجميعَ يُطْعَمُ بدليله قولِه:وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ } [البقرة: 249] فعلى هذا يكونُ { إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ } صفةً لـ " حميم " ولـ " طعام " ، والمرادُ بالحَميم ما يُشْرَبُ. والظاهرُ أنَّ خبرَ " ليس " هو قوله: " مِنْ غِسْلين " إذا أُرِيد بالحميم ما يُشْرَبُ أي: ليس له شرابٌ ولا طعامٌ إلاَّ غِسْليناً. أمَّا إذا أُريد بالحميمِ الصديقُ فلا يتأتَّى ذلك. وعلى هذا الذي ذكَرْتُه فيُسْألُ عمَّا يُعَلَّقُ به الجارُّ والظرفان؟ والجوابُ: أنها تتعلَّقُ بما تعلَّقَ به الخبرُ، أو يُجْعَلُ " له " أو " ههنا " حالاً مِنْ " حميم " ، ويتعلَّقُ " اليوم " بما تَعَلَّق به الحالُ. ولا يجوزُ أَنْ يكونَ " اليومَ " حالاً مِنْ " حميم " ، و " له " و " ههنا " متعلِّقان بما تعلَّق به الحالُ؛ لأنه ظرفُ زمانٍ، وصاحبُ الحالِ جثةٌ. وهذا الموضِعُ موضِعٌ حَسَنٌ مفيدٌ فتأمّلْه.

والغِسْلِين: فِعْلِيْن مِن الغُسالةِ، فنونُه وياؤُه زائدتان. قال أهلُ اللغة: هو ما يَجْري من الجِراح إذا غُسِلَتْ. وفي التفسير: هو صَديدُ أهلِ النار. وقيل: شجرٌ يأكلونه.