قوله عز وجل: { وَلاَ يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُم } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: لا يسألكم أموالكم لنفسه. الثاني: لا يسألكم جميع أموالكم في الزكاة ولكن بعضها. الثالث: لا يسألكم أموالكم وإنما يسألكم أمواله، لأنه أملك بها وهو المنعم بإعطائها. { إِن يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُواْ } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أن الإخفاء أخذ الجميع، قاله ابن زيد وقطرب. الثاني: أنه الإلحاح وإكثار السؤال، مأخوذ من الحفاء وهو المشي بغير حذاء، قاله ابن عيسى. الثالث: أن معنى فيحفكم أي فيجدكم تبخلوا، قاله ابن عيينة. { وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ } يحتمل وجهين: أحدهما: يظهر بامتناعكم ما أضمرتموه من عدوانكم. الثاني: تظهرون عند مسألتكم ما أضمرتموه من عداوتكم. قوله عز وجل: { وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَستَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ } فيه أربعة أوجه: أحدها: وإن تتولوا عن كتابي، قاله قتادة. الثاني: عن طاعتي، حكاه ابن أبي حاتم. الثالث: عن الصدقة التي أُمرتم بها، قاله الكلبي. الرابع: عن هذا الأمر فلا تقبلونه، قاله ابن زيد. { يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ } فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أنهم أهل اليمن وهم الأنصار، قاله شريح بن عبيد. الثاني: أنهم الفرس. روى أبو هريرة قال: لما نزل { وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُم ثُمَّ لاَ يَكُونُوآ أمْثَالَكُم } كان سلمان إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين إن تولينا يستبدلوا بنا؟ فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على منكب سلمان وقال: " هذا وَقَومُهُ، والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ الدِّينَ مُعَلَّقٌ بِالثُّرَيَّا لَنالَهُ رَِجَالٌ مِن أَبْنَاءِ فَارِس ". الثالث: أنهم من شاء من سائر الناس، قاله مجاهد. { ثُمَّ لاَ يَكُونُوا أَمْثَالَكُم } فيه وجهان: أحدهما: يعني في البخل بالإنفاق في سبيل الله، قاله الطبري. الثاني: في المعصية وترك الطاعة. وحكي عن أبي موسى الأشعري أنه لما نزلت هذه الآية فرح بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: " هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِن الدُّنْيَا ".