{ ذريةً } أَي: اصطفى ذريَّةً { بعضها من بعض } أَيْ: من ولد بعض؛ لأنَّ الجميع ذريَّة آدم، ثمَّ ذريَّة نوح { والله سميع } لما تقوله الذُّريَّة المصطفاة { عليمٌ } بما تضمره، فلذلك فضَّلها على غيرها. { إذ قالت امرأة عمران } وهي حنَّة أمُّ مريم: { إني نذرت لك ما في بطني } أيْ: أوجبتُ على نفسي أن أجعل ما في بطني { محرَّراً } عتيقاً خالصاً لله، خادماً للكنيسة، مفرَّغاً للعبادة ولخدمة الكنيسة، وكان على أولادهم فرضاً أن يُطيعوهم في نذرهم، فتصدَّقت بولدها على بيت المقدس. { فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى } اعتذرت ممَّا فعلت من النَّذر لمَّا ولدت أنثى { وليس الذكر كالأنثى } في خدمة الكنيسة لما يلحقها من الحيض والنِّفاس { وإني أعيذها بك } أَيْ: أمنعها وأجيرها { من الشيطان الرجيم } الملعون المطرود. { فتقبلها ربُّها بقبول حسن } أَيْ: رضيها مكان المحرَّر الذي نذرته { وأنبتها نباتاً حسناً } في صلاحٍ وعفَّةٍ ومعرفةٍ بالله وطاعةٍ له { وكفلها زكريا } ضمن القيام بأمرها، فبنى لها محراباً في المسجد لا يرتقى إليه إلاَّ بسلَّم، والمحراب: الغرفة، وهو قوله: { كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً } أَيْ: فاكهة الشِّتاء في الصَّيف، وفاكهة الصَّيف في الشِّتاء تأتيها به الملائكة من الجنَّة، فلمَّا رأى زكريا ما أُوتيت مريم من [فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في الصيف] على خلاف مجرى العادة طمع في رزق الولد من العاقر على خلاف العادة.