قوله تعالى: { إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً } [الآية: 35]. قال جعفر رحمه الله: عتيقًا من رق الدنيا وأهلها. قال محمد بن على رحمهُ الله فى قوله تعالى: { نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً } أى: يكون لك عبداً مخلصًا، ومن كان خالصًا لك كان حرًا مما سواك. سئل سهل بن عبد الله عن المحرَّر قال: هو المعتق من إرادات نفسه ومتابعة هواهُ. قال النورى - تغمده الله برحمته - فى قوله تعالى: { إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً } قال: محررًا عن شغلى به وتدبيرى له، ويكونُ مسلمًا إلى تدابيرك فيه وحُسنِ اختيارِكَ له. قال محمد بن الفضل رحمه الله فى قوله تعالى: { إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً } ، قال: عن الاشتغال بالمكاسب. قال جعفر: تقبَّلها حتى تعجَّب الأنبياءُ مع عُلوّ أقدارهم فى عظم شأنها عند الله تعالى، ألا ترى أن زكريا قال: { أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ } أى: مِنْ عند من تقبَّلنى. قال الواسطى رحمه الله: بقبول حسن: محفوظة، وأنبتها نباتًا حسنًا: أضاف الإحسان إليها فى الشريعة، وفى الحقيقةِ حفظها وأنبتها. قوله تعالى: { وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً } [الآية: 37]. قال ابن عطاء: ما فتح الله تعالى على عبدٍ من عبيده حالةً سنِّية إلا باتباع الأوامر وإخلاص الطاعات ولزوم المحاريب. قال الواسطى: { وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي } سرّه بمحاربة نفسه وهواهُ. قال أبو عثمان: المحراب بابُ كل برٍ وموضع الإجابة واستفتاح الطريق إلى الانبساط، والمناجاة والإعراض عن المحراب سببُ إغلاق الباب دونك.