يقول تعالى { فَإِذَا جَآءَتِ ٱلطَّآمَّةُ ٱلْكُبْرَىٰ } وهو يوم القيامة، قاله ابن عباس، سميت بذلك لأنها تطم على كل أمر هائل مفظع كما قال تعالى{ وَٱلسَّاعَةُ أَدْهَىٰ وَأَمَرُّ } القمر 46 { يَوْمَ يَتَذَكَّرُ ٱلإِنسَـٰنُ مَا سَعَىٰ } أي حينئذ يتذكر ابن آدم جميع عمله خيره وشره كما قال تعالى{ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ ٱلإِنسَـٰنُ وَأَنَّىٰ لَهُ ٱلذِّكْرَىٰ } الفجر 23 { وَبُرِّزَتِ ٱلْجَحِيمُ لِمَن يَرَىٰ } أي أظهرت للناظرين، فرآها الناس عياناً { فَأَمَّا مَن طَغَىٰ } أي تمرد وعتا { وَءاثَرَ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا } أي قدمها على أمر دينه وأخراه { فَإِنَّ ٱلْجَحِيمَ هِىَ ٱلْمَأْوَىٰ } أي فإن مصيره إلى الجحيم، وإن مطعمه من الزقوم، ومشربه من الحميم { وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى ٱلنَّفْسَ عَنِ ٱلْهَوَىٰ } أي خاف القيام بين يدي الله عز وجل، وخاف حكم الله فيه، ونهى نفسه عن هواها، وردها إلى طاعة مولاها، { فَإِنَّ ٱلْجَنَّةَ هِىَ ٱلْمَأْوَىٰ } أي منقلبه ومصيره ومرجعه إلى الجنة الفيحاء. ثم قال تعالى { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَـٰهَا فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا إِلَىٰ رَبِّكَ مُنتَهَـٰهَآ } أي ليس علمها إليك ولا إلى أحد من الخلق، بل مردها ومرجعها إلى الله عز وجل، فهو الذي يعلم وقتها على التعيين{ ثَقُلَتْ فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْـئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِىٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ ٱللَّهِ } الأعراف 187 وقال ههنا { إِلَىٰ رَبِّكَ مُنتَهَـٰهَآ } ولهذا لما سأل جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقت الساعة، قال " ما المسؤول عنها بأعلم من السائل ". وقوله تعالى { إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَـٰهَا } أي إنما بعثتك لتنذر الناس وتحذرهم من بأس الله وعذابه، فمن خشي الله وخاف مقامه ووعيده، اتبعك فأفلح وأنجح، والخيبة والخسار على من كذبك وخالفك. وقوله تعالى { كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَـٰهَا } أي إذا قاموا من قبورهم إلى المحشر، يستقصرون مدة الحياة الدنيا، حتى كأنها عندهم كانت عشية من يوم، أو ضحى من يوم، وقال جويبر عن الضحاك عن ابن عباس { كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَـٰهَا } أما عشية، فما بين الظهر إلى غروب الشمس { أَوْ ضُحَـٰهَا } ما بين طلوع الشمس إلى نصف النهار، وقال قتادة وقت الدنيا في أعين القوم حين عاينوا الآخرة. آخر تفسير سورة النازعات، و لله الحمد والمنة.