قوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالبَاطِلِ } يعني ما كانوا يأخذون من الرشى في الحكم وعلى ما حرفوا من كتاب الله، وكتبوا كتاباً بأيديهم على ما يهوون، ثم قالوا: هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً أي عرضاً من الدنيا يسيراً، وهو ما كانوا يأخذون. { وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ } أي: عن محمد والإِسلام. قوله: { وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } أي موجع { يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ }. قال الحسن: تُحشر تلك الأموال يوم القيامة بأعيانها، فيُحمى عليها، فتُكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم. { هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ } يعني من وجب عليه الانفاق في سبيل الله. ذكروا عن ابن مسعود أنه قال: والذي لا إله غيره، لا يُكوى رجل بكنزٍ فيمسي دينار ديناراً، ولا درهم درهماً، ولكن يُوسّع لذلك جلده. ذكروا عن أبي ذر وأبي هريرة أنهما قالا: كلّ صفراء وبيضاء أوكأ عليها صاحبها فهي كنز حتى يفرغها، فينفقها في سبيل الله. ذكروا عن الزهري أنه قال: نسخت آية الزكاة الكنز. وقال بعضهم: نَسَخت الزكاةُ كلَّ صدقة كانت قبلها. ذكروا عن ابن عمر أنه قال: كل مال تؤدى زكاته فليس بكنز وإن كان مدفوناً، وكل مال لا تؤدى زكاته فهو كنز وإن كان ظاهراً. وذكروا عن ابن عباس مثل ذلك. ذكر الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أدّى زكاة ماله فقد أَدّى حقَّ الله في ماله، ومن زاد فهو خير له "