- قوله: { لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ } ، إلى آخرها. من النحويين من قال: " لا " زائدة كزيادتها في قوله:{ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ } [الأعراف: 12]. ولم يمتنع أن تزاد في أول الكلام، لأن القرآن كله كسورة واحدة. وقد صح عن ابن عباس وغيره أنه قال: إن الله جل ذكره أنزل القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا في شهر رمضان في ليلة القدر. ثم نزل متفرقاً من السماء على النبي صلى الله عليه وسلم. وقد قال الفراء: " لا " لا تزاد ( " لا " في النفي)، وخالفه غيره فأجاز زيادتها في غير النفي. وقيل: [إن] " لا " من قوله: { لاَ [أُقْسِمُ] }: جواب، ثم استأنف فقال: أقسم بيوم القيامة. وكذلك هي زائدة [بلا] اختلاف في قوله: { وَلاَ أُقْسِمُ بِٱلنَّفْسِ } ، لأنها متوسطة بلا اختلاف، ولأنها بعد نفي. هذا على قول من جعله أيضاً قسماً ثانياً. ومن جعله غير قسم جعل " لا " نافية. وهو قول الحسن. وقد قرأ قُنْبُل عن ابن كثير: " لأُقْسِمُ " بغير ألف بعد اللام، وهو غلط عند الخليل وسيبويه، لأنها لام عند قسم تلزمها النون المشددة. قال ابن جُبير: " { لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ } معناه: أقسم بيوم القيامة ". وقال أبو بكر ابن عياش: { لاَ } تأكيد للقسم، بقولك: لا، والله. وحكي عن بعض الكوفيين أن { لاَ } رد لكلام قد مضى من المشركين الذين كانوا ينكرون الجنة والنار. ثم ابتدأ القسم فقال: { أُقْسِمُ بِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ }. وكان يقول: كل يمين قبلها رد لكلام فلا بد من تقدم " لا " ليفرق بذلك بين اليمين التي تكون جحداً واليمين التي تستأنف. قال: ألا ترى أنك تقول مبتدءاً: والله إن الرسول لحق؟ فإذا قلت: لا، والله إن الرسول لحق، فكأنك كذبت قوماً أنكروه. وقيل: " لا " تنبيه بمعنى " ألا ". كما قال امرؤ القيس:
لاَ وَأَبيكِ ابْنَةَ العامِر[يِّ]
لا يدّعي القومُ أَنِّي [أَفِرّ]
يريد: ألا. قال ابن عباس: قوله: { وَلاَ أُقْسِمُ بِٱلنَّفْسِ } (هو أيضاً) قسم. أَقْسَمَ ربنا بما شاء من خلقه. وهو قول قتادة. وهو اختيار الطبري، فتكون " لا " الأولى رداً لكلام تقدم، و " لا " الثانية زائدة. وقال الحسن: { وَلاَ أُقْسِمُ بِٱلنَّفْسِ } ليس بقسم. والمعنى: ولست أقسم بالنفس اللوامة. فتكون " لا " الأولى [رداً] لكلام تقدم أو زائدة، و " لا " الثانية نافية غير زائدة. وتأويل الكلام عند الطبري: لا، ما الأمر. كما تقولون: أيها الناس. كأنه (يقدرُ) جواب القسم محذوفاً. كأنه قال: (لا)، ما الأمر، كما تقولون: إن الله لا يبعث أحداً، أقسم بيوم القيامة ما الأمر كما تقولون.