{ أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم } حجَّتكم على أن مع الله تعالى معبوداً غيره. { هذا ذكر مَنْ معي } يعني: القرآن { وذكر مَنْ قبلي } يعني: التَّوراة والإِنجيل، فهل في واحدٍ من هذه الكتب إلاَّ توحيد الله سبحانه وتعالى؟ { بل أكثرهم لا يعلمون الحق } فلا يتأمَّلون حجَّة التَّوحيد، وهو قوله: { فهم معرضون }. { وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ... } الآية. يريد: لم يُبعثْ رسولٌ إلاَّ بتوحيد الله سبحانه، ولم يأتِ رسولٌ أُمّته بأنَّ لهم إلهاً غير الله. { وقالوا اتخذ الرحمن ولداً } يعني: الذين قالوا: الملائكة بنات الله، والمعنى وقالوا: اتَّخذ الرحمن ولداً من الملائكة { سبحانه } ثمَّ نزَّه نفسه عمَّا يقولون { بل } هم { عباد مكرمون } يعني: الملائكة مكرمون بإكرام الله إيَّاهم. { لا يسبقونه بالقول } لا يتكلَّمون إلاَّ بما يأمرهم به { وهم بأمره يعملون }. { يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم } ما عملوا، وما هم عاملون { ولا يشفعون إلاَّ لمن ارتضى } لمن قال: لا إله إلاَّ الله { وهم من خشيته مشفقون } خائفون؛ لأنَّهم لا يأمنون مكر الله. { ومَنْ يقل منهم } من الملائكة { إني إلهٌ من دونه } من دون الله تعالى { فذلك نجزيه جهنم } يعني: إبليس حيث ادَّعى الشِّركة في العبادة، ودعا إلى عبادة نفسه { كذلك نجزي الظالمين } المشركين الذين يعبدون غير الله تعالى. { أَوَلَمْ يَر } أولم يعلم { الذين كفروا أنَّ السموات والأرض كانتا رتقاً } مسدودةً { ففتقناهما } بالماء والنَّبات، كانت السَّماء لا تُمطر، والأرض لا تُنبت، ففتحهما الله سبحانه بالمطر والنَّبات { وجعلنا من الماء } وخلقنا من الماء { كلَّ شيء حي } يعني: إنَّ جميع الحيوانات مخلوقةٌ من الماء، كقوله تعالى:{ والله خلق كلَّ دابَّةٍ من ماءٍ } ثمَّ بكَّتهم على ترك الإيمان، فقال: { أفلا يؤمنون }. وقوله: { وجعلنا فيها } في الرَّواسي { فجاجاً سبلاً } طرقاً مسلوكةً حتى يهتدوا. { وجعلنا السماء سقفاً محفوظاً } بالنُّجوم من الشَّياطين { وهم عن آياتها } شمسها وقمرها ونجومها { معرضون } لا يتفكَّرون فيها. وقوله: { كلٌّ في فلك يسبحون } يجرون ويسيرون، والفَلَكُ: مدار النُّجوم. { وما جَعَلْنا لبشر من قبلك الخلد } دوام البقاء { أفَإِيْن مت فهم الخالدون } نزل حين قالوا:{ نتربَّصُ به ريَب المنون } وقوله: { ونبلوكم } نختبركم { بالشر } بالبلايا والفقر { والخير } المال والصِّحة { فتنة } ابتلاءً لننظر كيف شكركم وصبركم.