{ وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُم مِّثْلَ يَوْمِ الأَحْزَابِ } أي: مثل عذاب الأمم الخالية. [ثم أخبر عن يوم الأحزاب] فقال: { مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ } فالدأب الفعل، أي: إني أخاف عليكم مثل عقوبة فعلهم، وهو ما أهلكهم الله به؛ يحذر قومه. قال: { وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ }. { وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ } قال بعضهم: يوم ينادي أهل الجنة أهل النار:{ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً } [الأعراف: 44]، وينادي أهل النار أهل الجنة:{ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَآءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ } [الأعراف:50]. وتفسير الكلبي: { يَوْمَ التَّنَادِ } ، مشدّدة، أي يوم الفرار يوم يندّون كما يندّ البعير. قال ألا تراه يقول: { يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ } أي: يوم الفرار. وتفسير مجاهد: { يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ } ، أي: فارّين غير معجزين. وقال بعضهم: { يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ } أي: يوم ينطلق بهم إلى النار.
{ مَا لَكُم مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ } أي: يعصمكم، أي: من مانع يمنعكم من عذابه. { وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } أي: يهديه.
قوله: { وَلَقَدْ جَاءكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ } [أي: من قبل موسى] { بِالْبَيِّنَاتِ } أي: بالهدى، والبينات: الحق. { فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءكُم بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً }. أي: إنه لم يكن برسول، فلن يبعث الله من بعده رسولاً، كقول مشركي العرب للنبي عليه السلام:{ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ } [الحجر:6]، وكقول فرعون:{ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ } [الشعراء:27] أي: فيما يدّعي.
قال: { كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ } أي: مشرك { مُّرْتَابٌ } أي: في شك من البعث، أي: يضله الله بشركه وتكذيبه وشكّه.