{ وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئاً إلاَّ من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى } يعني لا يشفع أحد إلا بعد إذن من الله { إن الذين لا يؤمنون بالآخرة } البعث والجزاء { ليسمّون الملائكة تسمية الأنثى } قيل: قالوا: هم بنات الله { وما لهم به من علم } أي لا يقولون ذلك عن علم { إن يتّبعون } في ذلك { إلاَّ الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً } { فأعرض عن من تولَّى } قيل: أعرض عن مكافأته { عن ذكرنا } قيل: القرآن { ولم يرد إلاَّ الحياة الدنيا } { ذلك مبلغهم من العلم } أي نهاية قدر علمهم حيث آثروا الدنيا على الآخرة { إن ربك هو أعلم بمن ضلّ عن سبيله } أي دينه { وهو أعلم بمن اهتدى } فيجازي كل أحد بعمله { ولله ما في السماوات وما في الأرض } ملكاً وخلقاً { ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى } ثم وصف الذين أحسنوا فقال سبحانه: { الذين يجتنبون كبائر الإِثم والفواحش } قيل: ان أكثر ما يزيد عقابه على ثواب فاعله كالقتل والزنا ونحو ذلك، وقيل: لا يكفره إلا بالتوبة والفواحش كل قبيح فاحشة، وقيل: الزنا { إلا اللمم } قيل: الصغائر من الذنوب عمداً وسهواً ونظير هذه الآية قوله تعالى:{ ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم } [النساء: 31] وهو قول أبي علي وأبو مسلم والقاضي، وقيل: هو ما ألمَّ على القلب أي خطر، وهو حديث النفس بشيء من غير عزم لأن العزم على الكبير كبيرة، فعلى هذا يكون إلاّ بمعنى لكن اللمم، وقيل: إلا بمعنى الواو { إن ربك واسع المغفرة } أي كثير المغفرة يكفر الصغائر باجتناب الكبائر بالتوبة { هو أعلم بكم } بأحوالكم، وقيل: هو أعلم بتفاصيل أموركم وأعمالكم فيجازيكم بها { إذ أنشأكم من الأرض } أي خلق آباءكم آدم من التراب { وإذ أنتم أجنّة في بطون أمّهاتكم } حين الولد في البطن أخذ من الستر، يعني من علم بتفاصيل الجنين وكيفيته لا يخفى عليه شيء من أعمالكم { فلا تزكوا أنفسكم } قيل: لا تمدحوها، وقيل: لا تزكوا أنفسكم بما ليس فيها وهو أحسن ما قيل: فأما تزكية النفس على وجه الاستطالة فلا يجوز { هو أعلم بمن اتقى } الشرك والكبائر، قيل: عمل حسنة وارتدع عن السيئة عن علي (عليه السلام).