قوله: { هُنَالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ }. ذكروا أن مجاهداً قال: هنالك تختَبِر كل نفس ما أسلفت، أي تختَبِر ثواب ما أسلفت في الدنيا. وقال بعضهم عن مجاهد: تخبُر. وهي تقرأ على وجه آخر: { هُنَالِكَ تَتْلُوا } أي تتبع كل نفس ما أسلفت. ذكروا عن ابن مسعود أنه قال: تحشر الأمم بأوثانها وما كانت تعبد من دون الله. قوله: { وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاَهُمُ الحَقِّ } والحق اسم من أسماء الله. وهو كقوله { يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ المُبِينُ }. وكقوله:{ ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ البَاطِلُ } [لقمان:30]. قوله: { وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ } عن عبادتهم الأوثان. ثم قال للنبي عليه السلام: { قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ } وهو على الاستفهام { أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ } أي: أن يذهبهما أو يبقيهما. { وَمَن يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَيُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ } يعني النطفة والحبة. أي: يخرج من النطفة الميتة الخلق الحي، ويخرج من الخلق الحي النطفة الميتة، ويخرج من الحبة اليابسة النبات الحي، ويخرج من النبات الحي الحبة اليابسة. وهذا تفسير مجاهد. وقال الحسن: يخرج المؤمن من الكافر، ويخرج الكافر من المؤمن. { وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ } أي فيما يحيي ويميت، ويقبض ويبسط، وينزل الغيث، ويدبّر الأمر في السماوات والأرض. { فَسَيَقُولُونَ اللهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } أي: الله. وأنتم تقرون بالله عزّ وجلّ أنه هو الذي يفعل هذه الأشياء ثم لا تتقونه، وتعبدون هذه الأوثان من دون الله. { فَذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمُ الحَقُّ } أي الذي تقرون أنه خلقكم؛ والأوثان هي الباطل، أي: الأموات، لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون. { فَمَاذَا بَعْدَ الحَقِّ } والحق هو الله. يقول: فماذا بعد الحق { إِلاَّ الضَّلاَلُ } أي: إلا هذه الأوثان. وقال بعضهم: الباطل: إبليس. قوله في سبأ: { قُلْ جَاءَ الحَقُّ وَمَا يُبْدِىءُ البَاطِلُ } يعني إبليس، يقول: وما يبدىء إبليس خلقاً{ وَمَا يُعِيدُ } [سبأ:49] أي: وما يعيده كما لم يبدئه، فكذلك لا يعيده، والله هو المبدىء وهو المعيد. قوله: { فَأَنَّى تُصْرَفُونَ } أي: فكيف تصرف عقولكم فتعبدون غيره، وأنتم مقِرّون أنه خالق هذه الأشياء.