قوله: { قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِٱلْقِسْطِ } الآية. المعنى: قل، يا محمد لهم: { أَمَرَ رَبِّي بِٱلْقِسْطِ } ، أي: بالعدل. { وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ }. أي: وجهوا وجوهكم عند كل مسجد إلى الكعبة، وحيثما صليتم إليها. وقيل معناه: اجعلوا سجودكم لله (عز وجل). وقيل: المعنى إذا أدركتك الصلاة وأنت عند مسجد، فصل فيه، ولا تقل: أُؤْخر حتى آتي مسجد قومي. وهذا عطف محمول على المعنى؛ لأن معنى { أَمَرَ رَبِّي بِٱلْقِسْطِ } ،: يقول لكم [ربي] أقسطوا وأقيموا وجوهكم، [فعطف أقيموا وجوهكم]، على أقسطوا، الذي في المعنى لا في اللفظ. { وَٱدْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ }. أي: الطاعة. ثم قال تعالى: { كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ }. هذا احتجاج عليهم إذ أنكروا قوله:{ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ } [الأعراف: 25]، وهو متصل به ومعناه: ليس بعثكم أشد من ابتدائكم. ومعنى: { كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ } ، أي: كما بدأكم أشقياء وسعداء، كذلك تبعثون يوم القيامة، كما قال:{ [هُوَ ٱلَّذِي] خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ } [التغابن: 2]، وقال بعده: { فَرِيقاً هَدَىٰ وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلضَّلاَلَةُ } ، وهو قول مجاهد، قال: من بدأه سعيداً بعثه يوم القيامة سعيداً، ومن بدأه شقياً بعثه يوم / القيامة شقياً. وعن مجاهد أيضاً أنه قال: كما خلقكم تكونون كفاراً ومؤمنين. وعن ابن عباس نحوه. فلا تقف على هذا القول إلا على: { ٱلضَّلاَلَةُ } ، لا تقف على: { تَعُودُونَ }؛ لأن { فَرِيقاً } ، { وَفَرِيقاً } حالان. وقيل: المعنى: كما خلقكم، ولم تكونوا شيئاً، كذلك تعودون بعد الفناء، أي: كما خلقكم، كذلك يبعثكم بعد موتكم، وهو قول الحسن وقتادة. فتقف على هذا على { تَعُودُونَ }. ثم قال: { إِنَّهُمُ ٱتَّخَذُوا ٱلشَّيَاطِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ } ، أي: على هدى. وقال الأخفش وأبو حاتم: { كَمَا بَدَأَكُمْ } تمام. وقيل { تَعُودُونَ } التمام. ومن قال معنى الآية: كما خلقكم أشقياء وسعداء { تَعُودُونَ } ، لم يقف إلا على: { ٱلضَّلاَلَةُ } ، وهو قول الكسائي.