والرجل الذي جاء من أقصى المدينة، أي: من أبعد مكان منها، هو العشق المنبعث من أعلى وأرفع موضع منها بدلالة شمعون العقل ونظره لإظهار دين التوحيد والدعوة إلى الحبيب الأول وتصديق الرسل { يسعى } لسرعة حركته ويدعو الكل بالقهر والإجبار إلى متابعة الرسل في التوحيد، ويقول: { وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه تُرْجعون } وكان اسمه حبيباً وكان نجاراً ينحت في بدايته أصنام مظاهر الصفات من الصور لاحتجابه بحسنها عن جمال الذات وهو المأمور بدخول جنة الذات، قائلاً: { يا ليت قومي } المحجوبين عن مقامي وحالي { يعلمون بما غفر لي ربّي } ذنب عبادة أصنام مظاهر الصفات ونحتها { وجعلني من المكرمين } لغاية قربي في الحضرة الأحدية. وفي الحديث: " إنّ لكل شيء قلباً، وقلب القرآن يس " ، فلعل ذلك لأن حبيباً المشهور بصاحب يس آمن به قبل بعثته بستمائة سنة وفهم سرّ نبوته، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " سباق الأمم ثلاثة لم يكفروا بالله طرفة عين، عليّ بن أبي طالب عليه السلام وصاحب يس ومؤمن آل فرعون ".