الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ قُل لَّكُم مِّيعَادُ يَوْمٍ لاَّ تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلاَ تَسْتَقْدِمُونَ }

قوله: { لَّكُم مِّيعَادُ }: مبتدأٌ وخبرٌ. والميعادُ يجوز فيه أوجهٌ، أحدها: أنه مصدرٌ مضافٌ لظرفِه، والميعادُ يُطْلق على الوعدِ والوعيدِ. وقد تقدَّم أنَّ الوعدَ في الخيرِ، والوعيدَ في الشرِّ غالباً. الثاني: اسمٌ أُقيم مُقامَ المصدرِ. والظاهرُ الأولُ. قال أبو عبيدة: " الوَعْدُ والوعيدُ والميعاد بمعنىً ". الثالث: أنه هنا ظرفُ زمانٍ. قال الزمخشري: " الميعادُ ظرفُ الوعدِ، من مكانٍ أو زمانٍ، وهو هنا ظرفُ زمانٍ. والدليلُ عليه قراءةُ مَنْ قرأ " ميعادٌ يومٌ " يعني برفعِهما منوَّنَيْنِ، فأبدل منه اليوم. وأمَّا الإِضافةُ فإضافةُ تبيينٍ، كقولك: سَحْقُ ثوبٍ وبعيرُ سانِيَةٍ ".

قال الشيخ: " ولا يتعيَّنُ ما قال؛ لاحتمالِ أَنْ يكونَ التقديرُ: لكم ميعادُ ميعادِ يومٍ، فلمَّا حُذِفَ المضافُ أُعْرِب المضافُ إليه بإعرابه ". قلت: الزمخشريُّ لو فَعَلَ مثلَه لسَمَّع به. وجَوَّزَ الزمخشريُّ في الرفع وجهاً آخرَ: وهو الرفعُ على التعظيمِ، يعني على إضمارِ مبتدَأ، وهوالذي يُسَمَّى القطعَ. وسيأتي هذا قريباً.

وقرأ ابنُ أبي عبلةَ واليزيديُّ " ميعادٌ يوماً " بتنوين الأولِ، ونصبِ " يوماً " منوَّناً. وفيه وجهان، أحدُهما: أنه منصوبٌ على الظرفِ. والعاملُ فيه مضافٌ مقدرٌ، تقديرُه: لكم إنجازُ وعدٍ في يومٍ صفتُه كيتَ وكيتَ. الثاني: أن ينتصِبَ بإضمارِ فعلٍ. قال الزمخشريُّ: " وأمَّا نصبُ اليوم فعلى التعظيم بإضمارِ فعلٍ، تقديرُه: أعني يوماً. ويجوز أَنْ يكونَ الرفعُ على هذا، أعني التعظيمَ ".

وقرأ عيسى بتنوين الأول، ونصبِ " يوم " مضافاً للجملة بعده./ وفيه الوجهانِ المتقدِّمان: النصبُ على التعظيم، أو الظرفُ.

قوله: { لاَّ تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ } يجوزُ في هذه الجملةِ أَنْ تكونَ صفةً لـ " مِيْعاد " إنْ عاد الضميرُ في " عنه " عليه، أو لـ " يوم " إنْ عاد الضميرُ في " عنه " عليه، فيجوزُ أَنْ يُحْكَمَ على موضعِها بالرفع أو الجرِّ. وأمَّا على قراءةِ عيسى فينبغي أَنْ يعودَ الضميرُ في " عنه " على " ميعاد " ليس إلاَّ؛ لأنهم نَصُّوا على أنَّ الظرفَ إذا أُضيفَ إلى جملةٍ لم يَعُدْ منها إليه ضميرٌ إلاَّ في ضرورةٍ كقوله:
3746 ـ مَضَتْ سَنَةٌ لِعامَ وُلِدْتُ فيه   وعَشْرٌ بعد ذاكَ وحِجَّتانِ