ثمَّ ذمَّ الظَّهار فقال: { الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هنَّ أمهاتهم } أَيْ: ما اللواتي يجعلن من الزَّوجات كالأمهات بأمهاتٍ. { إن أمهاتهم إلاَّ اللائي ولدنهم } ما أُمهاتهم إلاَّ الوالدات { وإنهم ليقولون } بلفظ الظِّهار { منكراً من القول } لا تُعرف صحَّته { وزوراً } وكذباً؛ فإنَّ المرأة لا تكون كالأمِّ { وإنَّ الله لعفو غفور } عفا وغفر للمُظاهِر بجعل الكفَّارة عليه، ثمَّ ذكر حكم الظِّهار، فقال: { والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا } في الآية تقديمٌ وتأخيرٌ، تقديرها: والذين يُظاهرون من نسائهم فتحرير رقبةٍ لما قالوا، ثمَّ يعودون، أيْ: على المُظاهر عتق رقبةٍ لقوله لامرأته: أنتِ عليَّ كظهر أُمِّي، ثمَّ يعود إلى استباحة الوطء، ولا تحلُّ له قبل الكفَّارة، وهو قوله: { من قبل أن يتماسا } أي: يَجَّامعا { ذلكم توعظون به } أي: ذلك التَّغليظ في الكفَّارة وعظٌ لكم كي تنزجروا به عن الظِّهار فلا تُظاهروا. { فمن لم يجد } الرَّقبة لفقره { فصيام شهرين متتابعين } لو أفطر فيما بين ذلك بطل التَّتابع، ويجب عليه الاستئناف { فمن لم يستطع } ذلك لمرضٍ أو لخوفِ مشقَّةٍ عظيمةٍ { فإطعام ستين مسكيناً } لكلِّ مسكينٍ مدٌّ من غالب القوت. { ذلك } أي: الفرض الذي وصفنا { لتؤمنوا بالله ورسوله } لتصدقوا ما أتى به الرَّسول عليه السَّلام، وتُصدِّقوا أنَّ الله تعالى به أمر { وتلك حدود الله } يعني: ما وصف في الظِّهار والكفَّارة { وللكافرين } لمن لم يُصدِّق به { عذاب أليم }. { إنَّ الذين يحادون الله } يُخالفون الله { ورسوله كُبِتوا } أُذِلُّوا وأُخزوا { كما كُبِتَ الذين من قبلهم } ممَّن خالف الله ورسوله { وقد أنزلنا آيات بينات وللكافرين } بها { عذاب مهين }. { يوم يبعثهم الله جميعاً فينبئهم بما عملوا } يخبرهم بذلك ليعلموا وجوب الحجَّة عليهم { أحصاه الله } علمه الله وأحاط بعدده { ونسوه } هم. وقوله: { ما يكون من نجوى ثلاثة } أَيْ: مناجاة ثلاثةٍ، وإن شئت قلتَ: من متناجين ثلاثة { إلاَّ هو رابعهم } بالعلم، يسمع نجواهم.