الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلأَبْتَرُ }

{ إِنَّ شَانِئَكَ } أي مبغضك كائناً من كان { هُوَ ٱلأَبْتَرُ } الذي لا عقب له حيث لا يبقى منه نسل ولا حسن ذكر وأما أنت فتبقى ذريتك وحسن صيتك وآثار فضلك إلى يوم القيامة ولك في الآخرة ما لا يندرج تحت البيان. وأصل البتر القطع وشاع في قطع الذنب وقيل لمن لا عقب له أبتر على الاستعارة شبه الولد والأثر الباقي بالذنب لكونه خلفه فكأنه بعده وعدمه بعدمه وفسره قتادة بالحقير الذليل وليس بذاك كما يفصح عنه سبب النزول وفيها عليه دلالة على أن أولاد البنات من الذرية كما قال غير واحد.

واسم الفاعل أعني شانىء هٰهنا قيل بمعنى الماضي ليكون معرفة بالإضافة فيكون (الأبتر) خبره ولا يشكل ذلك بمن كان يبغضه عليه الصلاة والسلام قبل الإيمان من أكابر الصحابة رضي الله تعالى عنهم ثم هداه الله تعالى للإيمان وذاق حلاوته فكان صلى الله عليه وسلم أحب إليه من نفسه وأعز عليه من روحه ولم يكن أبتر لما أن الحكم على المشتق يفيد علية مأخذه فيفيد الكلام إن الأبترية معللة / بالبغض فتدور معه وقد زال في أولئك الأكابر رضي الله تعالى عنهم. واختار بعضهم في دفع ذلك حمل اسم الفاعل على الاستمرار فهم لم يستمروا على البغض. والظاهر أنه انقطع نسل كل من كان مبغضاً له عليه الصلاة والسلام حقيقة وقيل انقطع حقيقة أو حكماً لأن من أسلم من نسل المبغضين انقطع انتفاع أبيه منه بالدعاء ونحوه لأنه. لا عصمة بين مسلم وكافر.

وما أشرنا إليه من أن { هُوَ } ضمير فصل هو الأظهر وجوز أن يكون مبتدأ خبره { ٱلأَبْتَرُ } والجملة خبر { شَانِئَكَ } وحينئذ يجوز صناعة أن يكون بمعنى الحال أو الاستقبال وحَمْل { شَانِئَكَ } على الجنس الظاهر وخصه بعضهم بمن جاء في سبب النزول واحداً أو متعدداً وفيه روايات أخرج ابن سعد وابن عساكر من طريق الكلبـي عن أبـي صالح عن ابن عباس قال كان أكبر ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم القاسم ثم زينب ثم عبد الله ثم أم كلثوم ثم فاطمة ثم رقية فمات القاسم عليه السلام وهو أول ميت من ولده عليه الصلاة والسلام بمكة ثم مات عبد الله عليه السلام فقال العاص بن وائل السهمي قد انقطع نسله فهو أبتر فأنزل الله تعالى { إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلأَبْتَرُ } وأخرج ابن أبـي حاتم وابن جرير عن شمر بن عطية قال كان عقبة بن أبـي معيط يقول إنه لا يبقى للنبـي صلى الله عليه وسلم عقب وهو أبتر فأنزل الله فيه { إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلأَبْتَرُ } وأخرج الطبراني وابن مردويه عن أبـي أيوب قال لما مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم مشى المشركون بعضهم إلى بعض فقالوا إن هذا الصابىء قد بتر الليلة فأنزل الله تعالى { إِنَّا أَعْطَيْنَـٰكَ } السورة.

السابقالتالي
2 3