- قوله تعالى: { مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ } إلى قوله: { لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ }. أي: [بخيل] بالمال عن إخراجه في الحقوق، معتد على الناس في معاملته إياهم { أَثِيمٍ }: مأثوم في أعماله لمخالفته أمرَ رَبِّه. وقيل: { أَثِيمٍ }: ذي إثم. - قال تعالى: { عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ }. - ثم قال تعالى: { أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ } { إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ }. أي: (أَلأَِنْ) كان صاحب مال وبنين تطيعه / على وجه التوبيخ لمن أطاعه، ثم أخبر عنه أنه يقول: إذا قرئت عليه آيات الله -: هي أساطير الأولين استهزاءً أو إنكاراً لها أن تكون من عند الله. " فَأَنْ " مفعول من أجله متعلقة بما بعدها أي: من أجل أنه ذو مال وبنين يقول:- { إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ }. ويجوز أن (تكون) أن " في موضع نصب متعلقة بقوله ": { مَّشَّآءٍ بِنَمِيمٍ } { أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ } ، (أي): يفعل ذلك لأنْ كان ذا مال وبنين، فهي أيضاً مفعول من أجله. هذا على قراءة من قرأ: " أن كان " بغير استفهام، ومن قرأه بالاستفهام فهو إنكار وتوبيخ " لمن يطيعه أيضاً، والمعنى: أَلأَِنْ كان هذا الحلاّف المهين (الهماز) المشاء بنميم القناع للخير، [المعتدي] الأثيم ذا مال وبنين، تطيعه؟! ويحتمل أن يكون توبيخاً وتقريعاً لهذا الحلاف المهين. والمعنى: أَلأَِنْ كان هذا الحلاف ذا مال وبنين يقول - إذا تتلى عليه آياتنا -: هي أساطير الأولين: فيحسن الابتداء بالاستفهام على هذا الوجه، ولا يحسن الابتداء: " بأن كان ذا مال " في الوجهين الأولين؛ لأنه متعلق بالمخاطب. ومعنى { أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ }: أي: كتبهم وأخبارهم وهو جمع أسطورة. - ثم قال تعالى: { سَنَسِمُهُ عَلَى ٱلْخُرْطُومِ * إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَآ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ... }. قال ابن عباس: معناه: سنخطمه بالسيف فنجعل ذلك فيه سمة، أي: علامة، قال: وقد قاتل الذي نزلت فيه هذه الآية يوم بدر فخُطِم بالسيف في القتال. وقال قتادة: هو شين لا يفارقه. وروي عنه: شين على أنفه. قال المبرد: الخرطوم من الإنسان الأنف. ومن السباع موضع الشفة. والمعنى عنده: سَنَسِمُه على أنفه يوم القيامة بما يشوه خلفه وَيَعْرِفهُ بِهِ من شَهِدَه في القيامة أنه من أهل النار. وقيل: معناه: سنعلق به عاراً وسبة حتى يكون (بمنزلة من وسم على أنفه). وقيل: المعنى: سَنُسَوّد وجهه، فاستعير الأنف في موضع الوجه لأنه منه. وقيل: الخرطوم هنا: الخمر. - ثم قال تعالى: { إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَآ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُواْ لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلاَ يَسْتَثْنُونَ }. أي: إنا بلونا قريشاً، أي: امتحناهم كما امتحنا أصحاب الجنة، إذ حلفوا ليصرمن ثمرها إذا أصبحوا ولا يقولون: إن شاء الله.