{ وَقَالُوۤاْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا } فيه تقديم وتأخير، وكان عبد الرحمن بن زيد بن أسلم يقول: هذا من قولهم: لو ردوا لقالوا { وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ } بعد الموت { وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمْ } قيل: على حكم اللّه [......] فهم [وتكلمنا اليدين] بأمر اللّه { قَالَ أَلَيْسَ هَـٰذَا } العذاب { بِٱلْحَقِّ * قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبِّنَا } إنّه حق { قَالَ فَذُوقُواْ ٱلعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ }. أي بكفركم { قَدْ خَسِرَ } وكس وهلك { ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱللَّهِ } بالبعث بعد الموت { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَتْهُمُ ٱلسَّاعَةُ } القيامة، { بَغْتَةً } فجأة { قَالُواْ يٰحَسْرَتَنَا } ندامتنا { عَلَىٰ مَا فَرَّطْنَا } قصرّنا { فِيهَا } في الطامة، وقيل: تركنا في الدنيا من عمل الآخرة. وقال محمد بن جرير: الهاء راجعة إلى الصفقة، وذلك إنه لما تبين لهم خسران صفقتهم بيعهم الإيمان بالكفر والدنيا بالآخرة، قالوا: يا حسرتنا على ما فرطنا فيها، أي في الصفقة فترك ذكر الصفقة كما يقول { قَدْ خَسِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱللَّهِ } لأن الخسران لا يكون إلاّ في صفقة بيع. قال السدي: يعني على ما ضيعنا من عمل الجنة، يدل عليه ما روى الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الآية قال: " يرى أهل النار منازلهم من الجنة فيقولون: يا حسرتنا " { وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ } آثامهم وأفعالهم. قال أبو عبيد: يقال للرجل إذا بسط ثوبه فجعل فيه المتاع: إحمل وزرك ووزرتك واشتقاقه من الوزر الذي يعتصم به ولهذا قيل: وزر لأنّه كأنّه الذي يعتصم به الملك أو النبي ومنه قوله تعالى{ وَٱجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي } [طه: 29-30] { عَلَىٰ ظُهُورِهِمْ }. قال السدي وعمرو بن قيس الملائي: إن المؤمن إذا خرج من قبره استقبله أحسن شيء صورة وأطيب ريحاً، يقول: هل تعرفني؟ يقول: لا، إلاّ أن اللّه عز وجل قد طيب ريحك وحسّن صورتك، فيقول: كذلك كتب في الدنيا أنا عملك الصالح طال ما ركبتك في الدنيا فاركبني اليوم أنت. وقرأ{ يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } [مريم: 85] أي ركباناً، فإن الكافر تستقبله أقبح شيء صورة وأنتنه ريحاً فيقول: هل تعرفني؟ فيقول: لا إلاّ أن اللّه عز وجل قد قبح صورتك وأنتن ريحك، فيقول: لما كان عملك في الدنيا، أنا عملك السيء طالما ركبتني في المساء فأنا أركبك اليوم وذلك قوله { وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَىٰ ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ }. قال الزجاج: لا يزر إليهم أوزارهم، كما يقول الضحّاك: نصب عيني وذكرك محيي قلبي { أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ } أي يحملون ويعملون { وَمَا ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَآ إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ } باطل وغرور لا يبقى، وهذا تكذيب من اللّه للكفار في قولهم{ وَقَالُواْ مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا }