{ يأيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه } يعني اذا داين بعضكم بعضاً والمعنى اذا عامل بعضكم بعضاً بدين مؤجل { فاكتبوه } أي فاكتبوا الدين لئلا يقع فيه نسيان أو جحود والامر للندب، وقيل: للوجوب، وقيل: كانت الكناية والاشهاد واجباً فنسخ بقوله فان أمن بعضكم بعضاً والوجه هو الاول ان الامر للندب وفي الحديث عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): " ان الله مع صاحب الدين حتى يقضي دينه ما لم يكن فيما يكره الله تعالى " وكانت عائشة تأمر من يتديَّن لها وتقول: أحب ان الله لا يزال معي، وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم): " اياكم والدين فانه هم بالليل مذلة بالنهار " وفي الحديث: " رأيت على باب الجنة مكتوباً القرض بثمانية عشر والصدقة بعشر قلت: يا جبريل ما بال القرض أعظم أجراً من الصدقة؟ قال: لأن صاحب القرض لا يأتيك الا محتاجاً وربما وقعت الصدقة في غير اهلها " { وليكتب بينكم كاتب بالعدل } يعني وليكتب كتاب المداينة والمبيع كاتب بالعدل بالحق لا يزيد فيه ولا ينقص ولا يكتب شيئاً يضر بأحدهما { ولا يأب كاتب } اي لا يمتنع كاتب { أن يكتب كما علمه الله } اي مثل ما علمه الله قيل: الكتابة واجبة على الكفاية أي فرض كفاية { فليكتب وليملل الذي عليه الحق } يعني المطلوب المديون يقر على نفسه بلسانه { وليتق الله ربه } أي يتقي مخالفة امره { ولا يبخس منه شيئاً } أي لا ينقص، ثم بيّن تعالى حال من لا يصح منه الاملاء فقال: { فإن كان الذي عليه الحق } يعني المديون { سفيهاً } أي جاهلاً بالاملاء، وقيل: صغيراً، وقيل: عاجزاً { او ضعيفاً } قيل: مريضاً، وقيل: شيخاً خرفاً { أو لا يستطيع أن يملّ هو } أي لا يقدر على الاملاء بخرس او عجَمه، وقيل: السَّفيه المجنون، والضعيفُ الصغير، ومن لا يستطيعُ الاخرس، قوله: { فليملل وليه بالعدل } أي ولي السَّفيه يملي بما عليه فيقوم مقامه، وقيل: ولي الحق لانه اعلم بدينه { واستشهدوا } اي واطلبوا ان يشهد لكم { شهيدان } على الدين { من رجالكم } يعني من رجال المؤمنين والحريَّة وَالبلوغ شرط مع الإسلام عند عامة العلماء وعن علي (عليه السلام): " لا تجوز شهادة العبد في شيء " قوله: { فان لم يكونا رجلين فرجل وامرتان } اي فليشهد رجلان وامرأتان { ان تضل احداهما } أي لا يهتدي بان ينسَى مِن ضَل الطريق، قوله: { فتذكر احداهما الاخرى } هو من الذكر اي تذكرها الشهادة، قوله تعالى: { ولا يأب الشهداء } أي لا يمتنعوا { اذا ما دعوا } ليقيموا الشهادة، وقيل: يستشهدوا، قوله تعالى: { ولا تسأموا } كني بالسَّأَم عن الكسل { ان تكتبوه صغيراً او كبيراً إلى اجله } يعني على أي حال كان الحق من صغير وكبير ويجوز ان يكون الضمير للكتاب إلى اجله أي إلى اجل الدَّين الذي اتفق الغريمان على تسميته { ذلكم } اشارة إلى ان تكتبوه { أقسط } واعدل { وأقوم للشهادة } اي اعون على اقامة الشهادة، قوله: { وأدنى ألا ترتابوا } أي واقرب الا تشكوا، قوله: { الا ان تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم } تعاطيكم اياها يداً بيَد، قوله تعالى: { فليس عليكم جناح الا تكتبوها } يعني فلا بأس الا تكتبوها لانه لا يتوهم فيه مما يتوهم في الدين، قوله تعالى: { وأشهدوا إذا تبايعتم } امروا بالاشهاد على السامع مُطلقاً لأنه احوط، وعن الحسن: ان شاء اشهد وان شاء لم يشهد، قوله تعالى: { ولا يضار كاتب ولا شهيد } المعنى نهى الكاتب والشاهد عن التحريف والزيادة والنقصان { وان تفعلوا } أي وان تضاروا فإن الضرر { فسوق بكم } ، { وان كنتم على سفر } اي مسافرين { ولم تجدوا كاتباً } يكتب الكتاب والشهود { فرهان مقبوضَة } فالوثيقة هو ان يأخذ ممن داينه رهناً مقبوضاً { فان أمن بعضكم بعضاً } يعني الذي له الحق يأتمن من عليه الدين فلا يرتهن ولا يكتب ولا يشهد { فليؤد } خطاب للمديون يعني فليؤدّ المؤتمن أمانته، وقيل: خطاب للمرتهن يؤدّي الرهن عند ان يستوفي حقه لأنه أمانة والأول الوجه { وليتق الله ربه } يعني يتقي مخالفة امره { ولا تكتموا الشهادة } خطاب يعود الى الشهود والمعنى لا تكتموا الشهادة اذا طلبتم اقامتها { فإنّه آثم قلبه } يعني فاجر عاصي وانما قال قلبُه لان القلب رئيس الاعضاء وهو المضغة التي ان صلحت صلح البدن الجسد وان فسدت فسد، وعن ابن عباس (رضي الله عنه): اكبر الكبائر الاشراك بالله وشهادة الزور وكتمان الشهادة.