الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَآؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَآؤُهُمْ مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ }

{ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ } كلام مستأنف مسوق لبيان بعض آخر من أحوالهم الفظيعة، وتأخيره في الذكر مع تقدمه في الوجود على بعض أحوالهم المحكية سابقاً كما قال بعض المحققين للإيذان باستقلال كل من السابق واللاحق بالاعتبار ولو روعي الترتيب الخارجي لعد الكل شيئاً واحداً ولذلك فصل عما قبله، وزعم الطبرسي أنه تعالى لما قدم ذكر الجزاء بين بهذا وقت ذلك، وعليه فالآية متصلة بما ذكر آنفاً لكن لا يخفى أن ذلك لم يخرج مخرج البيان، وأولى منه أن يقال: وجه اتصاله بما قبله أن فيه تأكيداً لقوله سبحانه:مَّا لَهُمْ مّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ } [يونس: 27] من حيث دلالته على عدم نفع الشركاء لهم. و { يَوْمٍ } منصوب بفعل مقدر كذكرهم وخوفهم، وضمير { نَحْشُرُهُمْ } لكلا الفريقين من الذين أحسنوا الحسنى والذين كسبوا السيآت لأنه المتبادر من قوله تعالى: { جَمِيعاً } ومن إفراد الفريق الثاني بالذكر في قوله سبحانه:

{ ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ } أي للمشركين من بينهم ولأن توبيخهم وتهديدهم على رؤوس الأشهاد أفظع، والأخبار بحشر الكل في تهويل اليوم أدخل، وإلى هذا ذهب القاضي البيضاوي وغيره، وكون مراده بالفريقين فريقي الكفار والمشركين خلاف الظاهر جداً. وقيل: الضمير للفريق الثاني خاصة فيكون (الذين أشركوا) من وضع الموصول موضع الضمير. والنكتة في تخصيص وصف إشراكهم في حيز الصلة من بين سائر ما اكتسبوه من السيئات ابتناء التوبيخ والتقريع عليه مع ما فيه من الإيذان بكونه معظم جناياتهم وعمدة سيئاتهم، وهو السر في الاظهار في مقام الإضمار على القول الأخير { مَكَانَكُمْ } ظرف متعلق بفعل حذف فسد هو مسده وهو مضاف إلى الكاف، والميم علامة الجمع أي الزموا مكانكم. والمراد انتظروا حتى تنظروا ما يفعل بكم. وعن أبـي علي الفارسي أن مكان اسم فعل وحركته حركة بناء. وهل هو اسم فعل لالزم أو لأثبت ظاهر كلام بعضهم الأول والمنقول عن «شرح التسهيل» الثاني لأنه على الأول يلزم أن يكون متعدياً كالزم مع أنه لازم، وأجيب بمنع اللزوم، وقال السفاقسي: في كلام الجوهري ما يدل على أن الزم يكون لازماً ومتعدياً فلعل ما هو اسم له اللازم. وذكر الكوفيون / أنه يكون متعدياً وسمعوا من العرب مكانك زيداً أي انتظره. واختار الدماميني في «شرح التسهيل» عدم كونه اسم فعل فقال: لا أدري ما الداعي إلى جعل هذا الظرف اسم فعل إما لازماً وإما متعدياً وهلا جعلوه ظرفاً على بابه ولم يخرجوه عن أصله أي أثبت مكانك أو انتظر مكانك. وإنما يحسن دعوى اسم الفعل حيث لا يمكن الجمع بين ذلك الاسم وذلك الفعل نحوصه وعليك وإليك، وأما إذا أمكن فلا كوراءك وأمامك وفيه منع ظاهر.

السابقالتالي
2 3