قوله عز وجل: { وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ } أما قرينه ففيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه الملك الشهيد عليه، قاله الحسن وقتادة. الثاني: أنه قرينه الذي قيض له من الشياطين، قاله مجاهد. الثالث: أنه قرينه من الإنس، قاله ابن زيد في رواية ابن وهب عنه. وفي قوله: { هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ } وجهان: أحدهما: هذا الذي وكلت به أحضرته، قاله مجاهد. الثاني: هذا الذي كنت أحبه ويحبني قد حضر، قاله ابن زيد. قوله عز وجل: { أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارِ عَنِيدٍ } في ألقيا ثلاثة أقاويل: أحدها: أن المأمور بألقيا كل كافر في النار ملكان. الثاني: يجوز أن يكون واحد ويؤمر بلفظ الاثنين كقول الشاعر:
فإن تزجراني يابن عفان أنزجر
وإن تدعاني أحم عرضاً ممنعاً
الثالث: أنه خارج مخرج تثنية القول على معنى قولك ألق ألق، قف قف، تأكيداً للأمر. والكفار [بفتح الكاف] أشد مبالغة من الكافر. ويحتمل وجهين: أحدهما: أنه الكافر الذي كفر بالله ولم يطعه،وكفر بنعمه ولم يشكره. الثاني: أنه الذي كفر بنفسه وكفر غيره بإغوائه. وأما العنيد ففيه خمسة أوجه: أحدها: أنه المعاند للحق، قاله بعض المتأخرين. الثاني: أنه المنحرف عن الطاعة، قاله قتادة. الثالث: أنه الجاحد المتمرد، قاله الحسن. الرابع: أنه المشاق، قاله السدي. الخامس: أنه المعجب بما عنده المقيم على العمل به، قاله ابن بحر. فأما العاند ففيه وجهان: أحدهما: أنه الذي يعرف بالحق ثم يجحده. الثاني: أنه الذي يدعى إلى الحق فيأباه. قوله عز وجل: { مَنَّاعٍ لِّلْخير } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أنه منع الزكاة المفروضة، قاله قتادة. الثاني: أن الخير المال كله،ومنعه حبسه عن النفقه في طاعة الله، قاله بعض المتأخرين. الثالث: محمول على عموم الخير من قول وعمل. { مُعْتَدٍ مُرِيبٍ } في المريب ثلاثة أوجه: أحدها: أنه الشاك في الله، قاله السدي. الثاني: أنه الشاك في البعث، قاله قتادة. الثالث: أنه المتهم. قال الشاعر:
بثينة قالت يا جميل أربتنا
فقلت كلانا يا بثين مريب
وأريبنا من لا يؤدي أمانة
ولا يحفظ الأسرار حين يغيب
قال الضحاك: هذه الآية في الوليد بن المغيرة المخزومي حين استشاره بنو أخيه في الدخول في الإسلام فمنعهم. قوله عز وجل: { قَالَ لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَيَّ } فيه وجهان: أحدهما: أن اختصامهم هو اعتذار كل واحد منهم فيما قدم من معاصيه، قاله ابن عباس. الثاني: أنه تخاصم كل واحد مع قرينه الذي أغواه في الكفر، قاله أبو العالية. فأما اختصامهم في مظالم الدنيا، فلا يجوز أن يضاع لأنه يوم التناصف. أحدها: أن الوعيد الرسول، قاله ابن عباس. الثاني: أنه القرآن، قاله جعفر بن سليمان. الثالث: أنه الأمر والنهي، قاله ابن زيد. ويحتمل رابعاً: أنه الوعد بالثواب والعقاب. قوله عز وجل: { مَا يُبَدَّلُ الْقَولُ لَدَيَّ } فيه أربعة أوجه: أحدها: فيما أوجه من أمر ونهي، وهذا معنى قول ابن زيد. الثاني: فيما وعد به من طاعة ومعصية، وهو محتمل. الرابع: في أن بالحسنة عشر أمثالها وبخمس الصلوات خمسين صلاة، قاله قتادة. { وَمَآ أَنَا بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ } فيه وجهان: أحدهما: ما أنا بمعذب من لم يجرم، قاله ابن عباس. الثاني: ما أزيد في عقاب مسيء ولا أنقص من ثواب محسن، وهو محتمل.