قوله عز وجل: { وَلَقَدْ فَتَنَّا قَوْمَ فِرْعَوْنَ } أي ابتليناهم. { وَجَآءَهُمْ رَسُولُ كَرِيمٌ } وهو موسى بن عمران عليه السلام. وفيه ثلاثة أوجه: أحدها: كريم على ربه، قاله الفراء. الثاني: كريم في قومه. الثالث: كريم الأخلاق بالتجاوز والصفح. قوله عز وجل: { أَنْ أَدُّواْ إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أي أرسلوا معي بني إسرائيل ولا تستعبدوهم، قاله مجاهد. الثاني: أجيبوا عباد الله خيراً، قاله أبو صالح. الثالث: أدوا إليَّ يا عباد الله ما وجب عليكم من حقوق الله، وهذا محتمل. { إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ } يحتمل وجهين: أحدهما: أمين على أن أؤديه لكم فلا أتزيد فيه. الثاني: أمين على ما أستأديه منكم فلا أخون فيه. قوله عز وجل: { وَأَن لاَّ تَعْلُواْ عَلَى اللَّهِ } فيه أربعة تأويلات: أحدها: لا تبغوا على الله، قاله قتادة. الثاني: لا تفتروا على الله، قاله ابن عباس، والفرق بين البغي والافتراء أن البغي بالفعل، والافتراء بالقول. الثالث: لا تعظموا على الله، قاله ابن جريج. الرابع: لا تستكبروا على عباد الله، قاله يحيى. والفرق بين التعظيم والاستكبار أن التعظيم تطاول المقتدر، والاستكبار ترفع المحتقر. { إِنِّي ءَاتِيكُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } فيه وجهان: أحدهما: بعذر مبين، قاله قتادة. الثالث: بحجة بينة، قاله يحيى. قوله عز وجل: { وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ } فيه وجهان: أحدهما: لجأت إلى ربي وربكم. الثاني: استغثت. والفرق بينهما أن الملتجىء مستدفع والمستغيث مستنصر. قوله: { بَرَبِّي وَرَبِّكُمْ } أي ربي الذي هو ربكم. { أَن تَرْجُمُونِ } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: بالحجارة، قاله قتادة. الثاني: أن تقتلوني، قاله السدي. الثالث: أن تشتموني بأن تقولوا ساحر أو كاهن أو شاعر، قاله أبو صالح. { وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُواْ لِي فَاعْتَزِلُونِ } أي إن لم تؤمنوا بي وتصدقوا قولي فخلوا سبيلي وكفوا عن أذاي. قوله عز وجل: { وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً } فيه سبعة تأويلات: أحدها: سمتاً، قاله ابن عباس. الثاني: يابساً، قاله ابن أبي نجيح. الثالث: سهلاً، قاله الربيع. الرابع: طريقاً، قاله كعب والحسن. الخامس: منفرجاً، قاله مجاهد. السادس: غرقاً، قاله عكرمة. السابع: ساكناً، قاله الكلبي والأخفش وقطرب. قال القطامي:
يمشين رهواً فلا الأعجاز خاذلةٌ
ولا الصدور على الأعجاز تتكل
قال قتادة: لما نجا بنو إسرائيل من البحر وأراد آل فرعون أن يدخلوه خشي نبي الله موسى عليه السلام أن يدركوه فأراد أن يضرب البحر حتى يعود كما كان فقال الله تعالى: { وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً } أي طريقاً يابساً حتى يدخلوه. { إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ } قال مقاتل: هو النيل، وكان عرضه يومئذٍ فرسخين، قال الضحاك: كان غرقهم بالقلزم وهو بلد بين مصر والحجاز. فإن قيل فليست هذه الأحوال في البحر من فعل موسى ولا إليه.