{ أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِى ٱلنَّارِ } أصل الكلام أمن حق عليه كلمة العذاب أي وجب { أَفَأَنتَ } جملة شرطية دخلت عليها همزة الانكار والفاء فاء الجزاء، ثم دخلت الفاء التي في أولها للعطف على محذوف تقديره: أأنت مالك أمرهم؟ فمن حق عليه كلمة العذاب فأنت تنقذه، والهمزة الثانية هي الأولى كررت لتوكيد معنى الانكار. ووضع { مَن فِى ٱلنَّارِ } موضع الضمير أي تنقذه، فالآية على هذا جملة واحدة، أو معناه: أفمن حق عليه كلمة العذاب ينجو منه، أفأنت تنقذه أي لا يقدر أحد أن ينقذ من أضله الله وسبق في علمه أنه من أهل النار { لَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ } أي لهم منازل في الجنة رفيعة وفوقها منازل أرفع منها يعني للكفار ظلل من النار وللمتقين غرف { مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ } أي من تحت منازلها { وَعْدَ ٱللَّهِ لاَ يُخْلِفُ ٱللَّهُ ٱلْمِيعَادَ } وعد الله مصدر مؤكد، لأن قوله { لَهُمْ غُرَفٌ } في معنى وعدهم الله ذلك. { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً } يعني المطر. وقيل: كل ماء في الأرض فهو من السماء ينزل منها إلى الصخرة ثم يقسمه الله { فَسَلَكَهُ } فادخله { يَنَابِيعَ فِى ٱلأَرْضِ } عيوناً ومسالك ومجاري كالعروق في الأجساد. و { يَنَابِيعَ } نصب على الحال أو على الظرف و { فِى ٱلأَرْضِ } صفة لـ { يَنَابِيعَ }. { ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ } بالماء { زَرْعاً مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ } هيئاته من خضرة وحمرة وصفرة وبياض أو أصنافه من بن وشعير وسمسم وغير ذلك { ثُمَّ يَهِـيجُ } يجف { فَـتَرَاهُ مُصْفَـرّاً } بعد نضارته وحسنه { ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَـٰماً } فتاتاً متكسراً، فالحطام ما تفتت وتكسر من النبت وغيره { إِنَّ فِى ذَٰلِكَ } في إنزال الماء وإخراج الزرع { لَذِكْرَىٰ لأُِوْلِى ٱلأَلْبَـٰبِ } لتذكيراً وتنبيهاً على أنه لا بد من صانع حكيم، وأن ذلك كائن عن تقدير وتدبير لا عن إهمال وتعطيل { أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدْرَهُ } أي وسع صدره { لِلإِسْلَـٰمِ } فاهتدى، وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشرح فقال: " «إذا دخل النور القلب انشرح وانفسح» فقيل: فهل لذلك من علامة؟ قال نعم الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والاستعداد للموت قبل نزول الموت " { فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبّهِ } بيان وبصيرة، والمعنى: أفمن شرح الله صدره فاهتدى كمن طبع على قلبه فقسا قلبه؟ فحذف لأن قوله { فَوَيْلٌ لِّلْقَـٰسِيَةِ قُلُوبُهُمْ } يدل عليه { مِّن ذِكْرِ ٱللَّهِ } أي من ترك ذكر الله أو من أجل ذكر الله أي إذا ذكر الله عندهم أو آياته ازدادت قلوبهم قساوة كقوله