قوله تعالى: { الذين آمنوا } هذا بدل من قوله: { أناب } ، والمعنى: يهدي الذين آمنوا، { وتطمئن قلوبهم بذِكر الله } في هذا الذِّكر قولان: أحدهما: أنه القرآن. والثاني: ذِكر الله على الإِطلاق. وفي معنى هذه الطمأنينة قولان: أحدهما: أنها الحُب له والأُنس به. والثاني: السكون إِليه من غير شك، بخلاف الذين إِذا ذُكر الله اشمأزت قلوبهم. قوله تعالى: { ألا بذِكر الله } قال الزجاج: «ألا» حرف تنبيه وابتداء، والمعنى: تطمئن القلوب التي هي قلوب المؤمنين، لأن الكافر غير مطمئن القلب. قوله تعالى: { طوبى لهم } فيه ثمانية أقوال: أحدها: أنه اسم شجرة في الجنة. روى أبو سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " أن رجلاً قال: يا رسول الله، ما طوبى؟ قال: شجرة في الجنة مسيرة مائة سنة، ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها " ، وقال أبو هريرة: طوبى: شجرة في الجنة، يقول الله عز وجل لها: تفتَّقي لعبدي عما شاء، فتتفتق له عن الخيل بسروجها ولُجمها، وعن الإِبل بأزمَّتها: وعمَّا شاء من الكسوة. وقال شهر بن حوشب: طوبى: شجرة في الجنة، كل شجر الجنة منها أغصانها، من وراء سور الجنة، وهذا مذهب عطية، وشمر بن عطية، ومغيث بن سُمَي، وأبي صالح. والثاني: أنه اسم الجنة بالحبشية، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس. قال المصنف: وقرأت على شيخنا أبي منصور عن سعيد بن مَسْجوح قال: طوبى: اسم الجنة بالهندية، وممن ذهب إِلى أنه اسم الجنة عكرمة، وعن مجاهد كالقولين. والثالث: أن معنى طوبى لهم: فرح وقُرَّة عين لهم، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. والرابع: أن معناه: نُعمى لهم، قاله عكرمة في رواية، وفي رواية أخرى عنه: نِعم مالهم. والخامس: غبطة لهم، قاله سعيد بن جبير، والضحاك. والسادس: أن معناه: خير لهم، قاله النخعي في رواية، وفي أخرى عنه قال: الخير والكرامة اللَّذان أعطاهم الله. وروى معمر عن قتادة قال: يقول الرجل للرجل: طوبى لك، أي: أصبتَ خيراً، وهي كلمة عربية. والسابع: حسنى لهم، رواه سعيد عن قتادة عن الحسن. والثامن: أن المعنى: العيش الطِّيب لهم. «و طوبى» عند النحويين: فُعلى من الطيب، هذا قول الزجاج. وقال ابن الأنباري: تأويلها: الحال المستطابة، والخَلَّة المستلَذَّة، وأصلها: «طُيْبى» فصارت الياء واواً لسكونها وانضمام ما قبلها كما صارت في «مُوقن» والأصل فيه «مُيْقن» لأنه مأخوذ من اليقين، فغلبت الضمة فيه الياء فجعلتها واواً. قوله تعالى: { وحسن مآب } المآب: المرجع والمنقلَب.